ان الانذارات التي أرسلها الله الى العالم من جيل الى جيل على أفواه خدامه قوبلت بمثل هذا الشك وعدم الايمان . فعندما أثارت آثام الناس وشرورهم، قبل الطوفان، غضب الله لكي يرسلعليهم طوفانا من الماء أخبرهم قبل ذلك بما كان ينوي أن يفعله لكي تكون لهم فرصة فيها يرجعون عن طرقهم الشريرة. وطوال مئة وعشرين سنة كان صوت الانذار يرن في آذانهم داعيا اياهم الى التوبة لئلا يهلكهم الله بغضب ه. لكنهم اعتبروا هذه الرسالة تفاهة فلم يصدقوها. ثم زادت جرأتهم في شرهم فجعلوا يسخرون من رسول السماء واستخفوا بتوسلاته واتهموه بالغطرسة والتصلف . فكيف يجرؤ رجل واحد على الوقوف في وجه كل عظماء الارض ؟ فاذا كانت رسالة نوح صادقة لماذا لم يرها الناس ولم يصدقوها ؟ هل يصمد تصريح رجل واحد أمام حكمة آلاف الناس ؟ لم يصدقوا الانذار، وبالتالي لم يحتموا في الفلك . GC 376.1
لقد أشار الساخرون الهازئون الى أمور الطبيعة — الى تتابع الفصول من دون أقل تغيير، والى السماء الصافية التي لم تمطر ابدا، والى الحقول اليانعة التي كان ينعشها ندى الليل فصاحوا قائلين: ”الا يمثل أمثالا؟“ وفي احتقار شديد أعلنوا أن الكارز بالبر إن هو الا متحمس ثائر، وظلوا سائرين في طريقهم، وزاد تلهفهم على المسرات وإصرارهم على السير في طرقهم الشريرة أكثر من قبل. لكنّ ع دم إيمانهم لم يؤخر وقوع تلك الكارثة التي قد أنبئ به ا. لقد احتمل الله شرورهم طويلا وأعطاهم متسعا من الوقت للتوبة، ولكن في الوقت المعين افتقد الله بدينونته اولئك الذين رفضوا رحمته. GC 376.2