لكنّ الله قاد شعبه في حركة المجيء العظيمة . فلقد لازمت قوته ومجده العمل، فلم يسمح ان ينتهي بالظلام وخيبة الآمال ويوصم بوصمة العار على انه اهتياج تعصبي كاذب . ولم يسمح ان يترك كلمته مكتنفة بالشك وعدم اليقين . ومع ان كثيرين هجروا حسابهم القديم للفترات التاريخية وانكروا صحة الحركة المبنية عليه، فان آخرين لم يرغبوا في نبذ نقاط الايمان والاختبار التي كانت تسندها كلمة الله وشهادة روحه . لقد اعتقدوا انهم اتخذوا مبادئ سليمة للتفسير في درسهم النبوات وانه يجب عليهم التمسك بالحقائق التي حصلوا عليها والسير على النهج نفسه الذي اعتمدوه في بحوثهم الكتابية . وبروح الصلاة الحارة راجعو ا موقفهم ودرسوا الكتاب لاكتشاف خطئهم، فاذ لم يجدوا غلطة واحدة في الفترات النبوية ارشدهم الله الى فحص موضوع القدس باكثر دقة. GC 451.3
ففي بحثهم عرفوا انه لا يوجد نص في الكتاب او برهان يدعم الرأي القائل ان الارض هي القدس، وانما وجدوا في الكتاب شرحا وافيا لموضوع القدس وطبيعته وموقعه وخدماته، اذ كانت شهادة الكتَّاب القديسين واضحة ومفصلة بحيث تجعل المسألة مفهومة بلا شك ولا ابهام . وفي الرسالة الى العبرانيين يكتب بولس الرسول قائلا: ”ثم العهد الاول كان له ايضا فرائض خدمة والقدس العالمي. لانه نُصب المسكن الاول الذي يقال له القدس الذي كان فيه المنارة والمائدة وخبز التقدمة . ووراء الحجاب الثاني المسكن الذي يقال له قدس الاقداس فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشى من كل جهة بالذهب الذي فيه قسط من ذهب فيه المن وعصا هرون التي افرخت ولوحا العهد .وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء“. (عبرانيين ٩ : ١ — ٥). GC 452.1
ان القدس الذي يشير اليه بولس هنا كان هو الخيمة التي اقامها موسى بأمر الله كالمسكن الارضي للعلي: ”فيصنعون لي مقدسا لاسكن في وسطهم“ (خروج ٢٥ : ٨)، هذا ما أمر الله به موسى عندما كان الله في الجبل . كان الاسرائيليون مسافرين في البرية وكانت الخيمة مصنوعة بحيث يمكن نقلها من مكان الى مكان ومع ذلك فقد كانت مسكنا فخما جد ا. لقد كانت جدران القدس مكونة من ألواح مستقيمة مغشاة بغشاء سميك من الذهب وموضوعة في قواعد من الفضة بينما كان السقف مكونا من جملة ستائر او اغطية متتابعة كانت اعلاها من الجلد اما الداخلية منها فكانت من الكتان المشغول بصنعة الكروبيم الجميلة . وفضلا عن الدار الخارجية التي كانت تحتوي على مذبح المحرقة كانت الخيمة نفسها مكونة من مسكنين يسمى احدهما القدس، والآخر قدس الاقداس يفصل بينهما حجاب او ستار جميل ثمين، وكان على باب المسكن الاول حجاب مشابه لهذا. GC 452.2