وبمرور الوقت زاد عدد الجمهور المتجمع على الشاطئ ، فلقد تقاطر إلى هناك الأشياخ الطاعنون في السن وهم متوكئون على عصيهم ، والفلاحون الأقوياء القادمون من أعالي التلال ، والصيادون الذين كانوا يصطادون من البحيرة ، والتجار والمعلمون والأغنياء والعلماء والكبار والصغار ، وقد أتوا بمرضاهم المتألمين وزاحموا الباقين ليسمعوا أقوال هذا المعلم الإلهي. نظر الأنبياء بعين النبوة فرأوا مثل هذه المناظر من بعيد فكتبوا يقولون: “أرض زبولون، وأرض نفتاليم، طريق البحر، عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب الجالس في ظلمة أبصر نوراً عظيماً، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور” (متى 4 : 15 و 16). ML 219.1
وبجانب ذلك الجمع المحتشد على شاطئ بحيرة جنيسارت رأى يسوع وهو ينطق بموعظته على شاطئ البحر جموعا أخرى أمام ذهنه. فإذا تطلع عبر الأجيال رأى عبيده الأمناء في السجون وأمام المحاكم مجربين وموحودين ومتضايقين . كان يرى كل مناظر الفرح والصراع والارتباك والحيرة ماثلة أمامه . فعندما كان يتحدث إلى تلك الجموع الغفيرة المتجمعة أمامه في ذلك الصباح كان يخاطب بنفس الكلام نفوس الناس في الأجيال القادمة بتلك الأقوال التي ستأتيهم بالرجاء في تجاربهم والعزاء في أحزانهم وبنور السماء الذي يقشع عنهم الظلمات . وبواسطة الروح القدس كان ذلك الصوت الذي خاطب الشعب من سفينة الصيد في بحر الجليل سيسمع ناطقا بكلام السلام لقلوب بني الإنسان إلى انقضاء الدهر. ML 219.2