وبسرعة ذاعت أنباء خدمة المسيح وقدرته في كل كفرناحوم. ولكن خوفا من المعلمين لم يجرؤ المرضى على المجيء إليه في طلب الشفاء في يوم السبت . ولكن ما إن اختفت الشمس خلف الأفق حتى حدث هرج ومرج عظيم وسارع الناس إلى يسوع من البيوت والحوانيت والأسواق وجاء سكان المدينة يتزاحمون عليه في ذلك البيت المتواضع الذي أوى إليه . حيث أُتي إليه بالمرضى محمولين على أسرة أو متوكئين على عصيهم أو مستندين على أصدقائهم وساروا بتثاقل ووهن حتى مثلوا في حضرة المخلص. ML 233.2
وساعة بعد ساعة كان الناس يجيئون ويروحون بينما لم يكن أي واحد منهم يعلم ما إذا كان ذلك الشافي العظيم سيظل معهم إلى الغد أم يرحل عنهم. ولم يسبق لمدينة كفرناحوم أن رأت يوما كهذا اليوم- فقد امتلأ الجو بأصوات الانتصار وهتافات الفرح بالنجاة والشفاء كما فرح المخلص بهذا الفرح الذي أوجده ، إذ حين رأى آلام من قد أتوا إليه امتلأ قلبه حنانا وعطفا ، وقد فرح بالقوة التي منحتهم العافية والسعادة. ML 233.3
لم يكف يسوع عن مزاولة عمله حتى شفي آخر مريض. ولم تترك الجماهير ذلك المكان حتى كان قد مضى شطر كبير من الليل . وحينئذ ساد السكون في بيت سمعان .لقد انقضى ذلك اليوم الطويل المثير فطلب يسوع الراحة . ولكن فيما كان أهل المدينة لا يزالون هاجعين في مضاجعهم: “في الصباح باكراً جداً قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء، وكان يصلّي هناك” (مرقس 1 : 35). ML 233.4
هكذا كان يسوع يقضى أيام حياته على الأرض. وفي أحيان كثيرة كان يصرف تلاميذه ليزوروا عائلاتهم ويستريحوا بعض الوقت ، ولكنه بكل لطف عارض في الاستجابة إلى محاولاتهم في إبعاده عن عمله . كان يتعب طول اليوم وهو يعلم الجهال ويشفي المرضى، ويفتح أعين العميان ويشبع الجموع ، وفي وقت المساء أو في الصباح الباكر كان ينطلق إلى مقادس الجبال ليكون في شركة مع أبيه . وكثيرا ما كان يقضي الليل كله في الصلاة والتأمل ليعود في بكور اليوم لمزاولة عمله بين الشعب. ML 234.1