هذه الحالة بررت إنذار المسيح. إذ إن شفاء ذلك الأبرص شاهده جميع من الناس ، وكانوا يتوقون لمعرفة حكم الكهنة . فلما عاد الرجل إلى أصدقائه حدث اهتياج عظيم .فبالرغم من تحفظ يسوع لم يبذل ذلك الرجل أي مسعى لإخفاء حقيقة شفائه . وكان من المستحيل إخفاء الأمر ، لكن ذلك الأبرص بعدما شفي أذاع الخبر في كل مكان . كما فهم أن وداعة يسوع هي التي جعلته يأمره بالسكوت . ولذلك جال من مكان إلى مكان معلنا عن قوة هذا الشافي العظيم . ولكنه لم يكن يدرك أن تلك الإعلانات ستزيد من إصرار الكهنة والشيوخ على إهلاك يسوع . لقد أحس الرجل الذي شفي أن هبة الشفاء ثمينة جدا ، ففرح وتهلل إذ استعاد قوة رجولته وأعيد إلى عائلته وعشرائه ، ورأى أنه من المستحيل عليه أن يكف عن تمجيد ذلك الطبيب الذي شفاه . ولكن إذاعته لخبر تلك المعجزة نتج عنه تعطيل عمل المخلص ، إذ تقاطر الناس عليه بكثرة عظيمة حتى اضطر للتوقف عمن العمل إلى حين. ML 239.1
إن كل عمل من أعمال المسيح كان له غرض بعيد المدى ، وكان يشتمل على ما هو أكثر مما لاح في العمل نفسه . هكذا كانت الحال مع الأبرص ، ففي حين أن يسوع خدم حاجات كل من أقبلوا إليه فقد كان يتوق لأن يبارك من لم يأتوا . وفي حين أنه اجتذب العشارين والوثنيين والسامريين كان يشتاق للوصول إلى الكهنة والمعلمين الذين كبلهم التعصب والتقاليد . لقد استنفد كل وسيلة كان يمكنه بواسطتها أن يصل إليهم . وفي إرساله الأبرص الذي شفي إلى الكهنة قدم شهادة أراد بها القضاء على تعصبهم. ML 239.2
لقد ادعى الفريسيون أن تعليم المسيح مضاد للناموس الذي أعطاه الله لشعبه على يد موسى. ولكنه في توصيته للأبرص الذي قد طهر بأن يقدم ذبيحة حسب ما هو مفروض في الناموس ، كذب ذلك الادعاء ، فكان ذلك شهادة كافية لإقناع كل من يريدون أن يقتنعوا. ثم أرسل الرؤساء في أورشليم جواسيس ليتجسسوا على يسوع لعلهم يجدون عليه علة يتعللون بها لإهلاكه ، فكان جوابه على ذلك الإجراء أن قدم لهم برهانا على حبه للبشرية واحترامه للناموس ، وقدرته على أن يخلص من الخطية والموت. وهكذا شهد عنهم قائلا: “وضعوا عليّ شراً بدل خير، وبغضاً بدل حبّي” (مزمور 109 : 5). إن ذاك الذي أوصى في موعظته على الجبل قائلاً: “أحبّوا أعداءكم” قد مثّل بنفسه هذا المبدأ القائل: “غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة، بل العكس مباركين” (متى 5 : 44 ؛ 1 بطرس 3 : 9). ML 239.3