ها الملائكة يصحبون يوسف ومريم في رحلتهما من وطنهما في الناصرة إلى مدينة داود. إن المنشور الذي أصدره إمبراطور روما لأجل اكتتاب شعوب تلك الإمبراطورية المترامية الأطراف قد وصل إلى أولئك الساكنين بين تلال الجليل . وكما دعي كورش قديما كي يتربع على عرش العالم ويطلق أسرى الرب أحرارا ، كذلك صار أوغسطس قيصر أداة طيعة في يد الله لإتمام مقاصده في الإتيان بأم يسوع إلى بيت لحم . إنها من بيت داود ، وينبغي أن يولد ابن داود في مدينته . لقد تنبأ النبي قائلا: “أَما أَنْت يا بيتَ لَحمِ أَفْراتَةَ ، وَأَنْت صغيرةٌ أَنْ تَكُوني بين أُلوفِ يهوذَا ، فَمنْك يخْرجُ لِي الَّذي يكونُ متَسلِّطًا علَى إِسرائِيلَ ، وَمخَارِجه منْذُ الْقَديمِ ، منْذُ أَيامِ الأَزَلِ” (ميخا 5 : 2). ولكن يوسف ومريم وهما في مدينة آبائهما نسل الملوك لم يلحظهما الناس ولا فطنوا لوجودهما فلم يكرمهما أحد . وإذ كانا متعبين وبلا مأوى جعلا يذرعان أرض الشارع الضيق من أوله إلى آخره من باب المدينة إلى طرفها الشرقي يبحثان عبثا عن مكان يقضيان فيه ليلتهما ، ولكنهما لم يجدا لهما موضعا في المنزل المزدحم بالوافدين . ففي مبنى خشن غير لائق بالناس وكان مأوى للسائمة وجدا لهما مكانا يبيتان فيه . ففي هذا المكان الحقير ولد فادي العالم! ML 36.1
لم يعرف الناس عن ميلاده شيئا ، ولكن ذلك الخبر ملأ أرجاء السماء فرحا وحبورا ، فباهتمام عميق ورقيق جدا اتجهت أنظار تلك الخلائق المقدسة من سماء المجد والنور إلى أرضنا هذه. إن وجود الفادي ملأ كل العالم بهجة ونورا ، فتجمعت جماهير من الملائكة لا يحصى عددهم فوق جبال بيت لحم . إنهم ينتظرون الإشارة ليعلنوا تلك البشرى للعالم . ولو كان قادة إسرائيل أمناء على وكالتهم لأمكنهم الاشتراك في إذاعة بشرى ميلاد يسوع. ولكن الرب غض الطرف عنهم ML 36.2
لقد أعلن الله قائلاً: “ أني أسكب ماء على العطشان، وسيولاً على اليابسة” ، “ نور أشرق في الظلمة للمستقيمين” (إشعياء 44: 3 ؛ مزمور 112: 4). فأولئك الذين يطلبون النور ويقبلونه بفرح ستشرق عليهم أشعته من عرش الله. ML 37.1