لم يجرؤ الجواسيس على مجاوبة المسيح على مسمع من الجموع خشية أن يوقعوا أنفسهم في ورطة ، إذ عرفوا أنه إنما نطق بالحق. ولكنهم في سبيل الإبقاء على تقاليدهم كانوا يفضلون أن يتركوا ذلك الإنسان المتألم ليقاسي هول آلامه ، مع أنهم كانوا بكل اهتمام ينتشلون حيوانا أعجم ساقطا في حفرة حتى لا يموت بسبب إهمالهم انتشاله حتى لا يخسروا ثمنه . وهكذا كان اهتمامهم بالحيوان الأعجم أعظم من الاهتمام بالإنسان المخلوق على صورة الله . وهذا يصور لنا عمل كل الديانات الكاذبة ، فهي تبدأ باهتمام الإنسان بتمجيد نفسه أكثر من الله ، ولكن عاقبة ذلك هي انحطاط الإنسان إلى درجة أدنى من الحيوان . إن كل دين مضاد لسلطان الله يختلس من الإنسان المجد الذي كان له عند بدء الخليقة والذي سيعاد إليه في المسيح . فكل دين كاذب يعلم معتنقيه أن يكونوا عديمي الاكتراث لحاجات البشر وآلامهم وحقوقهم . ولكن الإنجيل يعطى للبشرية قيمة عظيمة لكونها مشتراة بدم المسيح ، وهو يعلمنا أن نراعى حاجات الناس وضيقاتهم بكل رقة ورفق . والرب يقول: “وأجعل الرجل أعز من الذهب الإبريز، والإنسان أعز من ذهب أوفير” (إشعياء 13 : 12). ML 262.2
إن يسوع حين واجه الفريسيين بهذا السؤال: هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر ، تخليص نفس أو قتل- واجههم بنواياهم الشريرة. كانوا يطلبون موته بكل ما في قلوبهم من حقد مرير ، في حين كان هو يخلص النفوس ويمنح السعادة للجموع ، فهل كان الأفضل في يوم السبت ارتكاب جريمة القتل كما كانوا يقصدون أن يفعلوا أكثر من شفاء المرضى المتألمين كما قد فعل هو؟ وهل كان من العدالة والصواب أن يبقوا في قلوبهم شهوة القتل في يوم الرب المقدس بدلا من أن يضمروا المحبة لكل الناس ، تلك المحبة التي تعبر عن نفسها في أعمال الرحمة؟ ML 262.3
ويسوع إذ يشفي الرجل ذا اليد اليابسة يدين عادات اليهود ويبقي الوصية الرابعة كما كانت حين أعطاها الله لشعبه. وقد أعلن قائلا: “إذا يحل فعل الخير في السبوات!” وإذ أزاح يسوع بعيدا نواهي اليهود العديمة المعنى أكرم السبت ، بينما أولئك الذين كانوا يشتكون من الفادي كانوا يمتهنون كرامة يوم الرب المقدس. ML 263.1