بهتت الجموع من هذه التعاليم التي كانت تختلف اختلافا بينا عن وصايا الفريسيين ومثالهم. لقد كان الناس يعتقدون أن الغبطة تنحصر في حيازة متاع هذه الدنيا ، وأن الشهرة واحترام الناس ينبغي أن يشتهيهما الإنسان ، ولذا كان رؤساء اليهود يسرون ويبتهجون عندما يدعوهم الناس “سيدي” وعندما يمتدحونهم ويمجدونهم لحكمتهم وتدينهم إذ يعرضون فضائلهم أمام الجماهير ، فكان هذا معتبرا في نظرهم من أعظم أسباب السعادة لهم . ولكن يسوع أعلن أمام ذلك الجمهور العظيم أن الأرباح والكرامات الأرضية كانت هي كل الاجر الذي يحصل عليه أولئك المتفاخرون . كان يسوع يتكلم بكل يقين وكانت ترافق أقواله قوة إقناع عظيمة ، فأسكت الشعب وطغى على قلوبهم إحساس بالخوف والرهبة . كانوا يشخصون في وجوه بعضهم البعض وقد ساورتهم الشكوك: من منهم يمكن أن يخلص إذا كانت تعاليم هذا الإنسان حقيقية ؟ وقد اقتنع كثيرون منهم بأن هذا المعلم العظيم كان مسوقا بروح الله ، وأن التعاليم التي نطق لها هى تعاليم إلهية. ML 281.1
بعدما شرح يسوع مقومات السعادة وكيف يمكن نيلها وجه أنظار تلاميذه بشكل قاطع إلى واجبهم في إرشاد الآخرين إلى طريق البر والحياة الأبدية حيث قد اصطفاهم الله ليكونوا معلمين. لقد عرف أنهم أحيانا كثيرة سيقاسون آلام الخيبة وخوار العزم ، وسيلاقون مقاومة لا هوادة فيها ، وستنهال عليهم الإهانات وسيرفض الناس شهادتهم ، كما عرف جيدا أنهم إذ ينجزون مهمتهم ، فالناس المتواضعون الذين يستمعون لأقوالهم بكل انتباه سيشي بهم الأشرار ، وسيعذبون ويطرحون في غياهب السجون ويموتون . ثم استطرد يقول: ML 281.2