قام الكاهن بعمله مباشرا تلك الخدمة. فأخذ الطفل بين ذراعيه ووقف به أمام المذبح وبعدما أعاده إلى أمه كتب اسمه “يسوعَ” في سجل الأبكار . ولم يكن الكاهن يفطن والطفل بين ذراعيه إلى أنه يحمل جلال السماء وملك المجد ، ولا كان يعلم أن هذا الطفل هو ذاك الذي كتب عنه موسى يقول: “إِنَّ نَبِيا مثلي سيقيم لَكُم الربُّ إِلهكُم من إِخوتكُم . لَه تَسمعونَ في كُلِّ ما يكَلِّمكم بِه” (أعمال 3 : 22). ولم يكن يدري أن هذا الطفل هو ذاك الذي طلب موسى أن يرى مجده . ولكن ذلك الكاهن كان يحمل بين ذراعيه من هو أعظم من موسى ، وإذ كان يسجل اسمه سجل اسم ذاك الذي كان أساس كل النظام اليهودي ، فكان في ذلك الاسم شهادة على موت ذلك النظام ، لأن نظام الذبائح والمحرقات والتقدمات كان قد عتق وشاخ . وها هو الرمز يكاد يلتقي بالمرموز إليه والظل يلتقي بالحقيقة ML 42.1
لقد رحل المجد “ الشكينا” عن القدس. ولكن في وليد بيت لحم كان يحتجب مجد عظيم كان الملائكة يخرون أمامه ساجدين . إن ذلك الطفل الذي لم يكن يحس بشيء كان هو النسل الموعود به والذي إليه رمز أول مذبح أقيم عند مدخل جنة عدن . هذا هو شيلون مانح السلام . إنه هو الذي أعلن لموسى عن نفسه أنه هو “أَهيه” وفي عمود النار والسحاب كان هو قائدا لإسرائيل . إنه هو الذي سبق الراؤون والأنبياء فأنبأوا بمجيئه . لقد كان هو مشتهى كل الأمم ، أصل وذرية داود وكوكب الصبح المنير . إن ذلك الطفل الصغير القاصر الذي سجل اسمه بين أسماء أطفال بني إسرائيل معلنا عن نفسه أنه أخونا كان هو رجاء البشر الساقطين . ذلك الطفل الذي قدمت عن فدائه بعض دراهم الفضة كان هو الذي سيدفع ثمن الفداء عن خطايا كل العالم . إنه “رئيس الكهنة الحقيقي على بيت الله” ، ورأس “كَهنُوتٌ لا يزولُ” والشفيع الجالس “في يمينِ اْلعظَمة في الأَعالِي” (عبرانيين 10 : 21 ؛ 7 : 24 ؛ 1 : 3). ML 42.2
إن الأمور الروحية إنما تُدرَك روحيا. لقد كُرس ابن الله في الهيكل للعمل الذي أتى ليعمله . نظر الكاهن إليه كما كان ينظر إلى أي طفل آخر . ولكن مع أنه لم يكن يرى أو يحس بأي شيء غير عادي نحوه إلاّ أن عمل الله في بذله ابنه للعالم قد أقر به . فهذه ML 43.1
المناسبة لم تمر دون أن يكَتشف المسيح ويعَترف به: “وَ كانَ رَجلٌ في أُورُ شليم اسمه سمعانُ ، وَهذا الرجلُ كَانَ بارا تَقيا ينَتظر تعزِيةَ إِسرائِيلَ ، وَالروحُ اْلقُدسُ كَانَ عليه. وَكانَ قَد أُوحي إِليه بِالروحِ اْلقُدسِ أَنَّه لا يرى اْلموتَ قَبلَ أَنْ يرى مسيح الربِّ” (لوقا 2 : 24 — 26). ML 43.2