إن الشعب إذ كانوا جالسين على العشب الأخضر في ذلك السهل في نور الغسق في فصل الربيع ، أكلوا من الطعام الذي هيأه لهم المسيح. وتلك الأقوال التي سمعوها في ذلك اليوم جاءتهم كصوت الله . ومعجزات الشفاء التي شاهدوها لم يكن يمكن إجراؤها بغير قوة الله . ولكن معجزة الأرغفة تأثر بها كل فرد في ذلك الجمع الغفير إذ كان لكل منهم نصيب في بركاتها . في أيام موسى أطعم الله العبرانيين المن في البرية ، فمن هو هذا الذى أطعمهم في ذلك اليوم إلا أن يكون هو ذاك الذي سبق موسى فتنبأ عنه؟ لم يكن يمكن أن قوة بشرية تخلق من خمسة أرغفة شعير وسمكتين صغيرتين طعاما يكفي لإشباع آلاف من الناس الجياع . وقد قال الواحد للآخر . “إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم!” (يوحنا 6 : 14). ML 350.1
لقد زاد اقتناعهم طوال ذلك اليوم ، لأن ذلك العمل الذي أجراه في نهاية اليوم يدل دلالة أكيدة على أن المحرر الذي طال انتظارهم له هو في وسطهم ، فانتعشت آمال الشعب وتعاظمت. هذا هو الذي سيجعل اليهودية فردوسا أرضيا ، أرضا تفيض لبنا وعسلا . إنه يستطيع أن يشبع كل رغبة ويحقق كل أمل ويسحق ويحطم سلطان روما الكريه . هو قادر على تخليص يهوذا وأورشليم ، ويستطيع أن يبرئ جروح الجنود الذين يجرحون في ساحات القتال ، ويزود جيوشا بكاملها بالطعام . ويقهر الأمم ويعيد إلى شعب الله السلطان الذي ظلوا ينتظرونه طويلا. ML 350.2
وإذ امتلأت القلوب حماسة كانوا على أتم استعداد لأن يتوجوه ملكا في الحال. إنهم يرون أنه لا يبذل أي مسعى لكي يسترعي انتباه الناس إليه ولا يحاول أن يحرز لنفسه مجدا أو كرامة . وهو في هذا يختلف اختلافا جوهريا عن الكهنة والرؤساء ، ولذلك هم يخشون من أنه لن يطالب بحقه في عرش داود . وإذ يتشاورون معا تتفق كلمتهم على أن يأخذوه قسرا وينادوا به ملكا على إسرائيل . وهوذا التلاميذ يتحدون مع الشعب في الجهر ML 350.3
بأن عرش داود هو الإرث الشرعي لمعلمهم. ثم قالوا إن وداعة المسيح هي التي تجعله يرفض مثل هذا الشرف . فليعظم الشعب مخلصهم ويمجدوه ، وليرغم الكهنة والرؤساء المتغطرسون على إكرام ذاك الذي أتى متسربلا بسلطان الله. ML 351.1