لم يكن التلاميذ قد أقلعوا بسفينتهم في الحال كما أمرهم يسوع ولكنهم انتظروا بعض الوقت على أمل أنه سيوافيهم قبلما يقلعون. ولكنهم إذ رأوا الظلام يهجم عليهم “دخلوا السفينة وكانوا يذهبون إلى عبر البحر إلى كفرناحوم” (يوحنا 6 : 17). لقد تركوا يسوع بقلوب ساخطة وكانوا ضجرين منه أكثر مما في أي وقت مضى منذ اعترفوا به ربا لهم .لقد تذمروا لأنه لم يسمح لهم بأن ينادوا به ملكا ، ولاموا أنفسهم لأنهم أذعنوا لأمره بسرعة. ثم تحاجوا قائلين إنهم لو كانوا أكثر إلحاحا لكانوا قد حققوا غرضهم. ML 352.2
كان عدم الإيمان قد تمكن من عقولهم وقلوبهم ، وأعمى حب الكرامة عيونهم. لقد عرفوا أن يسوع كان مكروها من الفريسيين ، وكانوا هم يتوقون إلى رؤيته ممجدا كما ظنوا أنه ينبغي أن يكون . وحيث أنهم متحدون مع معلم استطاع أن يصنع آيات ومعجزات عظيمة ومع ذلك يهانون كما لو كانوا مخادعين كان ذلك تجربة قاسية عليهم لم يستطيعوا احتمالها . فهل سيعتبرون دائما تلاميذ لمعلم كاذب؟ أو لا يثبت المسيح سلطانه كملك؟ كيف حدث أن ذاك الذي كان له ذلك السلطان وتلك القوة لا يعلن نفسه بصفته الحقيقية وبذلك يصير طريقهم أقل مشقة ووعورة؟ ولماذا لم ينقذ يوحنا المعمدان من تلك الميتة الرهيبة؟ هكذا ظل التلاميذ يتحاجون حتى جلبوا على أنفسهم ظلمة روحية عظيمة . ثم تساءلوا قائلين: هل يمكن أن يكون يسوع محتالا كما أكد الفريسيون؟ ML 353.1
لقد شاهد التلاميذ في ذلك اليوم المعجزات العظيمة التي أجراها المسيح. فبدا كأن السماء قد نزلت إلى الأرض . وكان يجب أن ذكرى ذلك اليوم العجيب المجيد تملأهم بالإيمان والرجاء . فلو أنهم من فيض قلوبهم المفعمة حبا وتقديرا ظلوا يتحدثون معا عن تلك العظائم لما دخلوا في تجربة . ولكن خيبتهم استبدت بكل تفكيرهم . إنهم لم يلتفتوا إلى قول المسيح: “اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء”. لقد كانت تلك الساعات ساعات بركة جزيلة للتلاميذ ولكنهم نسوا ذلك كله . لقد كانوا في وسط المياه الثائرة المضطربة . وكانت أفكارهم جامحة وغير معقولة ، فأعطاهم الرب شيئا آخر ليعذب نفوسهم ويشغل أفكارهم . وكثيرا ما يتصرف الله هكذا مع الناس حين يخلقون لأنفسهم متاعب وأثقالا . ولم تكن بالتلاميذ حاجة ليخلقوا الاضطراب ، هوذا الخطر قد بدأ يدنو منهم سريعا. ML 353.2