ثم إذ انتصب يسوع والتفت إلى المرأة سألها: “يا امرأة، أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟ فقالت: لا أحد، يا سيد!. فقال لها يسوع: ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً” (يوحنا 8 : 10 و 11). ML 436.4
وقفت المرأة أمام يسوع ثم جثت وهي مرتعبة خوفا . عندما قال للمشتكين: “من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر! ”. بدا لها كأن هذه الكلمات هي حكم الموت عليها . ولم تجرؤ على أن ترفع عينيها إلى وجه المخلص بل بكل سكون انتظرت مصيرها . لكنها اندهشت حين رأت أولئك المشتكين يخرجون صامتين ومرتبكين ، ثم سمعت من فم السيد هذا القول وفيه رجاء لها: “ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً”. لقج ذاب قلبها فألقت نفسها عند قدمي يسوع ساكبة أمامه محبتها وشكرها . وبدموع غزيرة اعترفت بخطاياها وهي مرة النفس. ML 436.5
كان ذلك اليوم بدء حياة جديدة بالنسبة إليها ، حياة طهارة وسلام مكرسة لخدمة الله .إن يسوع إذ رفع هذه النفس الساقطة من أوحال الدنس أجرى معجزة أعظم مما لو شفى أعظم الأمراض المستعصية . لقد شفى ذلك المرض الروحي الذي نهايته الموت الأبدي .فصارت هذه المرأة التائبة من أعظم تابعيه ثباتا . وبمحبة مضحية وتكريس كامل وفَّت دين رحمته الغافرة. ML 437.1
إن يسوع إذ غفر لهذه المرأة وشجعها على أن تحيا حياة أفضل ظهرت صفاته تتألق في جمال بره الكامل . ففي حين أنه لا يلتمس عذرا للخطية ولا يقلل من الشعور بالذنب فإنه لا يقصد أن يدين بل أن يخلص . كان العالم يضمر لهذه المرأة المخطئة الاحتقار والازدراء أما يسوع فيكلمها بكلام العزاء والرجاء . إن السيد المعصوم يعطف على تلك الخاطئة الضعيفة ويقدم لها يد المعونة . وفي حين أن الفريسيين المرائين يشتكون عليها يقول هو لها: “اذهبي ولا تخطئي أيضاً”. ML 437.2
إن تابع المسيح لا يغض الطرف عن المخطئين تاركا إياهم دون رادع ليسيروا في طريقهم المنحدر إلى أسفل . فأولئك الذين يسارعون إلى اتهام الآخرين ويحرصون على تسليمهم ليد العدالة هم في غالب الأحيان أعظم جرما من المخطئين . إن الناس يبغضون الخاطئ وهم في نفس الوقت يحبون الخطية . أما المسيح فيكره الخطية ويحب الخاطئ .وهذه هي روح كل أتباعه . إن المحبة المسيحية هي مبطئة في الاتهام والتوبيخ ، ولكنها مسرعة في ملاحظة التوبة ، ومستعدة أبدا لأن تغفر وتشجع الضال وتعيده إلى طريق القداسة وتثبت خطواته فيها. ML 437.3