منذ العصور القديمة بذل الأمناء في إسرائيل أقصى جهدهم في تعليم الشباب ، وقد أوصاهم الرب أن يعلموا أولادهم عن صلاح الله وعظمته منذ طفوليتهم ، لاسيما المعلن منه في الشريعة ومسطور في تاريخ إسرائيل. كان لابد من أن يلقن المزامير والصلوات وبعض الدروس الكتابية منذ صباه وعقله متفتح للعلم . كان على الآباء والأمهات أن يعلموا أولادهم أن شريعة الله هي تعبير عن صفاته ، وأنهم إذ يقبلون مبادئ تلك الشريعة في قلوبهم فإن صورة الله تنطبع على عقولهم ونفوسهم . لقد كان أكثر تلك التعاليم يلقن شفويا ، ولكن الشباب تعلموا أيضاً قراءة الكتب العبرية ، كما كان يسمح لهم بدراسة أسفار العهد القديم التي كانت مكتوبة على جلود الحيوانات ML 56.1
وفي أيام المسيح كانت البلدة أو المدينة التي لا تقوم بتثقيف الشباب ثقافة دينية تعتبر واقعة تحت لعنة الله ، ومع ذلك فقد أصبح التعليم صوريا ، إذ احتلت التقاليد مكان الكلمة الإلهية إلى حد كبر. إن التعليم الصحيح يقود الشباب إلى أن “يطلُبوا اللهَ لَعلَّهم يتَلمسوَنه فَيجِدوهُ” (أعمال 17 : 27). ولكن معلمي اليهود قصروا اهتمامهم على الشكليات . كانوا يحشون عقول الشباب بأشياء تافهة ، لا تجدي المتعلمين فتيلا ولا اعتبار لها في نظر المدرسة السماوية العليا . إن الاختبار الذي يحصل عليه الفرد من قبوله لكلمة الله لم يكن له مجال في النظام الثقافي . وإذ كان الطلبة ينشغلون بالأمور الخارجية العديدة لم يكونوا يجدون ساعات يقضونها في هدوء تام في حضرة الله . إنهم لم يسمعوا صوته مكلما قلوبهم . وفي بحثهم عن المعرفة مالوا بعيدا عن نبع الحكمة . لقد أُهملت الأمور المعتبرة جوهرية في خدمة الله . ومبادئ الشريعة ظلت مجهولة لا ترى النور . فما كان معتبرا أسمى تهذيب صار أعظم عائق يعطل النمو الحقيقي . وتحت تعليم معلمي إسرائيل كبتت قوى الشباب وتعطلت ملكات عقولهم وصار تفكيرهم ضيق الأفق. ML 56.2