إن ما يدعو تلاميذ المسيح إلى اتباعه ليس هو الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب الأبدي ، لكنهم يرون محبة المخلص التي لا مثيل لها معلنة للناس مدى سني حياته على الأرض من مذود بيت لحم إلى صليب جلجثة ، والنظر إليه وإلى محبته يجتذبهم ، وهذا يلين القلب ويخضع النفس . فتستيقظ المحبة في قلوب مشاهديه . فإذ يسمعون صوته يتبعونه. ML 456.1
وكما يتقدم الراعي خرافه معرضا نفسه لمخاطر الطريق كذلك يفعل يسوع مع شعبه: “ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها” (يوحنا 10 : 4). إن الطريق إلى الماء قد تقدس بآثار خطوات المخلص . ربما كان الطريق منحدرا وعرا ، ولكن يسوع سبق فسار فيه . لقد داس بقدميه الأشواك القاسية ليمهد الطريق أمامنا . لقد سبق فحمل كل حمل علينا أن نحمله. ML 456.2
ومع أن يسوع الآن قد صعد إلى محضر الله وهو جالس على عرش الكون فإنه لا يزال محتفظا بطبيعته الرحيمة الرقيقة . واليوم نجد أن نفس ذلك القلب الرقيق العطوف لا يزال يرثى لكل البشر في آلامهم وبلاياهم . وتلك اليد المثقوبة تمتد اليوم لتجزل البركات بغزارة لشعبه الذين في العالم “ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي” (يوحنا 10 : 28). إن الشخص الذي قد سلم نفسه للمسيح هو أغلى في نظره من كل العالم . والمخلص كان بكل سرور يجتاز في آلام جلجثة وعذاباتها حتى تخلص نفس واحدة وتأتي إلى ملكوته . وهو لن يتخلى عن إنسان مات لأجله . وما لم يتركه أتباعه بمحض اختيارهم فسيظل متمسكا بهم بكل قوته. ML 456.3
إننا في كل تجاربنا نجد معينا لا يخذلنا أبدا . إنه لا يتركنا وحدنا لنصارع مع التجربة ونحارب الشر لتسحقنا أعباؤنا وأحزاننا في النهاية . ومع أنه الآن لا يرى بالعين البشرية فإن أذن الإيمان تستطيع أن تسمع صوته قائلا: لا تخف أنا معك . أنا “الحي. وكنت ميتاً، وها أنا حي إلى أبد الآبدين!” (رؤيا 1 : 18). إني قد حملت أحزانكم واختبرت محارباتكم، وجزت في تجاربكم . إني أعرف دموعكم فلقد بكيت أنا أيضًا . وإني أعرف الأحزان التي هي في أعماق النفس حتى ما تسمعها أذن بشر . لا تظنوا أنكم قد تركتم وحدكم لمعاناة آلام الوحشة . ومع أن آلامكم لا تجد عطفا ولا استجابة من قلوب الناس فالتفتوا إلي واحيوا ، “فإن الجبال تزول، والآكام تتزعزع، أما إحساني فلا يزول عنك، وعهد سلامي لا يتزعزع، قال راحمك الرب” (إشعياء 54 : 10). ML 457.1