لقد كانت حياة يسوع في حالة انسجام مع الله ففي طفولته كان يفكر ويتكلم كطفل ، ولكن لم يكن هنالك أثر لأية خطية تشوه صورة الله فيه . ومع ذلك فهو لم يكن معفى من التجارب . كان أهل الناصرة قوما يضرب بهم المثل لشرهم . إن التقدير الوضيع الذي طالما قيسوا به ظاهر من سؤال نثنائيل: “أَمن النَّاصرةِ يمكن أَنْ يكُونَ شَيءٌ صالِح؟” (يوحنا 1 : 46). هكذا وجد يسوع في مركز امتحن فيه خلقه . لقد كان من الضروري له أن يكون حريصا كل الحرص على الدوام أن يظل محتفظا بطهارته ، إذ كان معرضا لكل المحاربات التي علينا نحن أن نخوض غمارها ليكون هو مثلنا الأعلى في الصبا والشباب والرجولة. ML 58.1
كان الشيطان لا يكل في بذل جهوده الجبارة لينتصر على صبي الناصرة ، كما كان ملائكة السماء يعسكرون حول يسوع لحراسته منذ بكور حياته ومع ذلك كانت حياته صراعا هائلا لا هوادة فيه ضد قوات الظلمة. إن وجود شخص واحد على الأرض منزه عن الشر والنجاسة كان مبعث الحزن ومرارة النفس والحيرة لسلطان الظلمة . لقد استخدم كل وسيلة ليوقع يسوع في أشراكه . إنه لن يطلب من أي صبي من بني الإنسان أن يحيا حياة القداسة في وسط أهوال التجارب العنيفة التي تكتنفه من كل جانب كما كان مخلصنا. ML 58.2
كان أبوا يسوع فقيرين ومعتمدين على كدهما اليومي. وقد اختبر هو الفقر وإنكار الذات والحرمان ، فكان هذا الاختبار واقيا له . وفي حياة الكدح التي عاشها لم يكن لديه وقت يقضيه في البطالة التي تعرض الإنسان للتجربة . ولم يكن عنده عدة ساعات بلا عمل مما يؤدي إلى فتح الطريق للعشرة المفسدة . وعلى قدر الإمكان كان يوصد الباب في وجه المجرب ، فلا ربح ولا مسرة ، ولا تهليل استحسان ولا انتقاد استطاع أن يحمله على أن يعمل عملا خاطئا . لقد كان حكيما في تمييزه للشر وقادرا على مقاومته. ML 58.3
كان المسيح هو الشخص الوحيد الذي عاش على أرضنا بلا خطية ، ومع ذلك عاش قرابة الثلاثين عاما بين الناس الأشرار في الناصرة. هذه الحقيقة هي توبيخ صارم لأولئك الذين يظنون أن كونهم يعيشون بلا لوم يتوقف على البيئة أو المال الكثير أو النجاح. إن التجربة والفقر والضيق هي نفس التدريب اللازم لإنماء الطهارة والثبات. ML 58.4