إن سامريا مسافرا أتى إلى حيت كان الجريح ولما رآه تحنن عليه . ولم يسأل ما إذا كان ذلك الجريح يهوديا أو أمميا ، مع علمه بأنه لو كان هو يهوديا وكان الجريح هو السامري لكان اليهودي المسافر يبصق في وجهه ويتركه بمنتهى الاحتقار . ولكن ذلك السامري لم يتردد بسبب هذا . ولم يفكر في أنه هو نفسه قد يتعرض لخطر إغارة اللصوص عليه إذا توقف في ذلك المكان- ولكن كان يكفيه أن يعلم أن أمامه إنسانا متألما يحتاج إلى الغوث . فخلع رداءه ليستر به الرجل الجريح . وكذلك أخرج ما معه من الزيت والخمر الذي احتفظ به لرحلته ليطيب به جروح المريض وينعش قواه . ثم أركبه على دابته وسار به على مهل بخطوات متئدة حتى لا يهتز جسم الجريح فتزيد آلامه ، وأتى به إلى فندق واعتنى به طول الليل ساهرا عليه بكل رقة ومحبة . وفي الغد عندما بدأ الجريح يتعافى أمكن السامري أن يتابع رحلته . ولكن قبل الشروع في السفر وكَّل أمر رعايته إلى صاحب الفندق ودفع له الأجر كما ترك رصيدا لأجل الاعتناء به ، ولم يكتف حتى بذلك بل أبدى استعداده لإيفاء كل النفقات الإضافية وسد كل حاجة للمريض إذ قال لصاحب الفندق: “اعتن به، ومهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك” (لوقا 10 : 35). ML 474.1
ولما انتهت القصة ثبت يسوع نظره في ذلك الناموسي بنظرة كشفت كل ما في قلبه ثم قال له: “فأي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريباً للذي وقع بين اللصوص؟” (لوقا 10 : 36). ML 474.2
لكن الناموسي بعد كل هذا لم يرد أن ينطق باسم السامري على شفتيه فأجاب قائلا: “الذي صنع معه الرحمة”. فقال له يسوع: “اذهب أنت أيضاً واصنع هكذا” (لوقا 10 : 37). ML 474.3
وهكذا أجيب على السؤال القائل: “من هو قريبي” جوابا حاسما إلى الأبد . فقد أبان لنا المسيح أن قريبنا ليس هو فقط أي واحد من أفراد كنيستنا أو من يعتنق عقيدتنا . ولا إشارة فيه إلى الجنس أو اللون أو المقام . ولكن قريبنا هو نفس الإنسان المحتاج إلى معونتنا . قريبنا هو كل شخص أصابه العدو بجروح أو أحدث فيه إصابات . قريبنا هو كل فرد يعتبر خاصة الله. ML 474.4