“فانزعج يسوع أيضاً في نفسه وجاء إلى القبر” (يوحنا 11 : 38). كان لعازر قد دفن في كهف منقور في الصخر وقد وضع حجر هائل على باب القبر . فقال المسيح: “ارفعوا الحجر!” (يوحنا 11 : 39). فإذ ظنت مرثا أنه يريد فقط أن يلقي نظرة على الجثمان عارضت في ذلك قائلة أن جثمان أخيها له في القبر أربعة أيام وأنه قد أنتن ودب فيه الفساد . فهذا التصريح الذي نطقت به مرثا قبيل إقامة لعازر قطع على أعداء المسيح خط الرجعة فلم يعد لهم مجال لأن يقولوا أن في الأمر خديعة . كان الفريسيون فيما مضى يذيعون الأكاذيب عن أعجب مظاهر قدرة الله . فعندما أقام ابنة يايرس كان قد قال: “لم تمت الصبية لكنها نائمة” (مرقس 5 : 39). فإذ كانت مدة مرضها قصيرة وأقيمت حالا بعد الموت أعلن الفريسيون أن الصبية لم تمت وأن المسيح نفسه أعلن أنها نائمة . كانوا قد أوهموا الشعب أن المسيح لا يقدر أن يشفي الأمراض وأنه كان هنالك تلاعب خبيث شرير في معجزاته . ولكن في هذه المرة لم يمكن لأحد أن ينكر حقيقة كون لعازر قد مات بكل تأكيد. ML 503.1
إن الرب عندما يشرع في عمل فالشيطان يحرض أحد الناس لكي يعارض في ذلك .قال يسوع: “ارفعوا الحجر!” (يوحنا 11 : 39). وكأنما هو يقول لهم: على قدر الإمكان أعدوا لي الطريق لأعمل . ولكن طبيعة مرثا الحازمة الطموح فرضت نفسها على ذلك الجمع . فلم تكن ترغب في أن ذلك الجسم المتعفن يكشف لعيون الناس . إن القلب البشري بطيء في فهم كلام المسيح . ولم يكن إيمان مرثا قد أدرك المعنى الحقيقي لوعده. ML 503.2
وبخ المسيح مرثا ، ولكن كلامه كان رقيقا إلى أقصى حد ، إذ قال لها: “ألم أقل لك: إن آمنت ترين مجد الله؟” (يوحنا 11 : 40) لماذا تشكين في قدرتي؟ لماذا تفكرين ضداً لمطاليبي؟ لقد قدمت لك وعدي فإن آمنت سترين مجد الله . إن المستحيلات الطبيعية لا يمكنها أن تعيق عمل الله القادر على كل شيء . وإن الشك وعدم الإيمان ليسا دليلا على التواضع . الإيمان الثابت بوعد المسيح هو الوداعة الحقيقية والتسليم الحقيقي للنفس ML 503.3
“ارفعوا الحجر! ”. كان المسيح يستطيع أن يأمر الحجر فيتدحرج بعيدا إطاعةً لكلمته . وكان يستطيع أن يأمر الملائكة الذين كانوا بجواره أن يفعلوا ذلك ، وامتثالا لأمره كانت تلك الأيادي غير المنظورة ترفع الحجر . ولكن كان ينبغي أن ترفعه الأيدي البشرية . وهكذا أرانا المسيح أن الإنسان يجب عليه أن يتعاون مع الله . فما تستطيع القوة البشرية أن تفعله لا يطلب من القوة الإلهية أن تعمله . والله لا يستغني عن معاونة الإنسان . ولكنه يقويه ويتعاون معه عندما يستخدم قواه وإمكانياته المعطاة له. ML 504.1
وقد أطاعوا أمره ورفعوا الحجر ، وعمل كل شيء بترو علناً أمام الناس . وأعطيت للجميع فرصة لأن يتحققوا من أن ليس في الأمر أي خداع . فهناك كان جثمان لعازر موضوعا في قبر صخري ، وكان باردا إذ أسكته الموت ، وقد سكنت ضجة النائحين . وإذ كان ذلك الجمع ذاهلا ومترقبا وقفوا متجمهرين حول القبر منتظرين ما سيحث بعد ذلك. ML 504.2