تأثر سمعان صاحب الضيافة بالانتقادات التي نطق بها يهوذا بخصوص تقدمة مريم فاندهش من تصرف يسوع. لقد أهينت كبرياؤه الفريسية . وعرف أن كثيرين من ضيوفه كانوا يوجهون إلى المسيح نظرات الشك والسخرية . فقال سمعان في قلبه: “لو كان هذا نبياً، لعلم من هذه الإمرأة التي تلمسه وما هي! إنها خاطئة” (لوقا 7 : 39). ML 530.3
إن المسيح إذ شفى سمعان من البرص أنقذه من حياة موت متقطع ، أما الآن فها هو يشك فيما إذا كان المخلص نبيا. فلكون المسيح سمح لهذه المرأة بأن تدنو منه ، ولكونه لم يطردها شر طردة في سخط شديد كمن قد صارت خطاياها أعظم من أن تغفر ، ولكونه لم يبرهن على علمه بأنها قد سقطت- لأجل كل ذلك جرب سمعان أن يظن بأن المسيح ليس نبيا. ثم تفكر في نفسه قائلا: إن يسوع لا يعرف شيئا عن هذه المرأة التي هي خليعة في مظهرها إلى هذا الحد ، وإلا ما كان يسمح لها بأن تلمسه. ML 530.4
ولكن الذي قاد سمعان إلى هذا الظن هو جهله بالله وبالمسيح. إنه لم يكن يعرف أن ابن الله ينبغي له أن يتصرف كما يريد الله بكل رأفة ورقة ورحمة . إن طريقة سمعان كانت ألا يعير المسيح خدمة مريم وتوبتها أي اهتمام ، إذ أن عملها في تقبيل قدمي السيد ودهنهما بالطيب كان مغيظا ومثيرا لقلبه القاسي . وقد فكر قائلا إنه لو كان المسيح نبيا لكان يكتشف الخطاة ويوبخهم. ML 531.1
وجواباً على هذا الفكر الذي لم يفصح عنه سمعان قال له يسوع: “ يا سمعان، عندي شيء أقوله لك. كان لمداين مديونان. على الواحد خمسمئة دينار وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً. فقل: أيهما يكون أكثر حباً له؟ فأجاب سمعان وقال: أظن الذي سامحه بالأكثر. فقال له: بالصواب حكمت” (لوقا 7 : 40 — 43). ML 531.2
وكما فعل ناثان مع داود كذلك فعل المسيح إذ أخفي كلامه تحت طي مثل. لقد ألقى على مضيفه مسؤولية الحكم على نفسه . إن سمعان كان قد قاد إلى الخطية هذه المرأة التي يحتقرها الآن . كان قد أوقع بها ظلما فادحا . كان سمعان والمرأة يمثلان المديونين المذكورين في المثل . لم يكن يسوع يرمي من وراء هذا إلى أن يعلمنا أن كلا من ذينك الشخصين ينبغي له أن يحس بدرجة مختلفة من المديونية أو الالتزام ، لأن كلا منهما كان مدينا بشكر عظيم لا قبل له بإيفائه . ولكن سمعان أحس أنه أبر من مريم ، أما يسوع فأراده أن يرى مقدار هول إثمه . أراد أن يبرهن له على أن خطيته أعظم من خطيتها بنسبة زيادة خمس مئة دينار على خمسين. ML 531.3