كان الناس ينظرون إلى مريم على أنها خاطئة كبيرة ، أما المسيح فعرف الظروف التي قد شكلت حياتها. كان يمكنه أن يخمد كل شرارة رجاء في نفسها ، ولكنه لم يفعل، فإنه هو الذي رفعها من حضيض اليأس والهلاك. لقد رأته ينتهر الشياطين التي تحكمت في قلبها وعقلها سبع مرات . وسمعت صرخاته القوية إلى الآب لأجلها . وعرفت كم كانت خطاياها كريهة في نور طهارته التي لا غبار عليها ، فانتصرت بقوته. ML 532.4
وحين بدا لعيون الناس أن حالتها ميؤوس منها رأى المسيح في مريم إمكانيات للصلاح والخير. رأى الجانب الأفضل من أخلاقها . إن تدبير الفداء منح البشرية إمكانية عظيمة ، وقد تحققت تلك الإمكانيات في حياة مريم . فبنعمته صارت شريكة الطبيعة الإلهية . فتلك التي سقطت فأمسى عقلها مأوى للشياطين أصبحت الآن قريبة جدا من المخلص في العشرة والخدمة . إنها مريم التي كانت تجلس عند قدميه وتتعلم منه ، وهي التي سكبت على رأسه الطيب الكثير الثمن وغسلت رجليه بدموعها . وقد وقفت مريم إلى جوار الصليب وتبعت سيدها إلى القبر ، وكانت أول من وصل إلى القبر بعد قيامته ، كما كانت أول من بشرن بقيامة المخلص. ML 533.1
إن يسوع يعرف ظروف كل نفس. قد تقول أنا خاطئ جدا ، وقد تكون كذلك ، ولكن على قدر ما تكون شريرا بقدر ما تحتاج إلى المخلص . إنه لا يطرد أبدا إنسانا باكيا منسحق القلب . إنه لا يخبر أي إنسان بكل ما يمكن أن يكشفه ، ولكنه يأمر كل نفس مرتعبة أن تتشجع . وهو يغفر مجانا لكل من يأتون إليه في طلب الغفران والرجوع إلى الحظيرة. ML 533.2
كان يمكن للمسيح أن يرسل ملائكة السماء ليسكبوا جامات غضبه على عالمنا الشرير هذا ويهلكوا كل من قد امتلأت قلوبهم بالعداوة لله ، وكان يمكنه أن يمحو هذه الوصمة السوداء من مسكونته. لكنه لا يفعل هذا . إنه اليوم واقف أمام مذبح البخور يقدم لله صلوات أولئك الذين يطلبون معونته. ML 533.3
إن تلك النفوس التي تلجأ إلى يسوع يرفعها فوق كل شكوى أو اتهام ومخاصمة الألسن. ولا يمكن لإنسان أو ملاك شرير أن يتهم هذه النفوس بالخيانة ، بل إن المسيح يوحدهم بطبيعته الإلهية البشرية . وهم يقفون إلى جوار حامل الخطايا العظيم في النور المنبعث من عرش الله: “من سيشتكي على مختاري الله؟ الله هو الذي يبرّرر. من هو الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات، بل الحري قام أيضاً، الذي هو أيضاً عن يمين الله، الذي أيضاً يشفع فينا” (رومية 8 : 33، 34). ML 533.4