إن هذا الكلام يعني شيئا أكثر من طهارة الجسد . إن المسيح لا يزال يتحدث عن التطهير الأسمى ممثلا بالتطهير الأدنى . إن من اغتسل فهو طاهر ولكن رجليه المنتعلتين سرعان ما يلحقهما الغبار وتحتاجان للغسل من جديد . وكذلك بطرس وإخوته كانوا قد اغتسلوا في الينبوع العظيم المفتوح للخطية والنجاسة . لقد اعترف بهم المسيح كخاصته ولكن التجربة ساقتهم إلي الشر فكانوا لا يزالون بحاجة إلي نعمته المطهرة . إن يسوع عندما تمنطق بالمنشفة ليغسل الغبار عن أرجلهم كان يريد بنفس ذلك العمل أن يغسل من قلوبهم الخصومة والنزاع والحسد والكبرياء ، وكان هذا أهم بكثير في نتائجه من مجرد غسل أرجلهم . فبالروح التي كانت فيهم حينئذ لم يكن أحد منهم مستحقا للشركة مع المسيح . فما لم ينتقلوا إلي حال الوداعة والمحبة لن يكونوا مؤهلين للاشتراك في عشاء الفصح أو في الخدمة التذكارية التي كان المسيح مزمعا أن يسنها ، فينبغي أن تتطهر قلوبهم . إن الكبرياء وطلب ما للذات تخلقان في النفوس البغضاء والمنازعات ، ولكن يسوع غسل من قلوب تلاميذه كل هذا حين غسل أرجلهم . لقد تغيرت مشاعرهم . فإذ نظر يسوع إليهم أمكنه أن يقول: “وأنتم طاهرون” فالآن توحدت قلوبهم وحلت فيها المحبة كل للآخر . لقد صاروا الآن ودعاء وقابلين للتعلم . وفيما عدا يهوذا كان كل منهم مستعدا أن يتنازل للأخر عن أرفع مكان . والآن بعدما أخضعت قلوبهم وامتلأت شكرا صاروا مستعدين لقبول أقوال المسيح. ML 616.1
وكبطرس وإخوته نحن أيضاً قد اغتسلنا في دم المسيح ، ومع ذلك فمرارا كثيرة تتلوث طهارة القلب عن طريق الاحتكاك بالشر . فعلينا أن نأتي إلي المسيح في طلب النعمة المطهرة . لقد تراجع بطرس إذ لم يرد أن يجعل رجليه الملوثتين تلامسان يدي سيده ومعلمه . ولكن كم من مرة جعلنا قلوبنا الملوثة تلامس قلب المسيح ! وما أشد الحزن الذي نجلبه عليه بحدة طباعنا وبطلنا وكبريائنا ! ومع ذلك فيجب أن نأتيه بكل ضعفاتنا ونجاساتنا إذ لا يستطيع أن يطهرنا أحد سواه . إننا لن نكون مؤهلين للشركة معه ما لم نتطهر باستحقاقه. ML 616.2
قال يسوع لتلاميذه: “وأنتم طاهرون ولكن ليس كلكم” (يوحنا 13 : 10). لقد غسل رجلي يهوذا ولكن يهوذا لم يسلم قلبه ليسوع ، ولذلك لم يكن مطهرا ، إذ لم يخضع نفسه للمسيح. ML 617.1