نظر المسيح إلى تلاميذه بمحبة إلهية وبعطف غاية في الرقة ثم قال لهم: “الآن تمجّد ابن الإنسان وتمجّد الله فيه” (يوحنا 13 : 31). كان يهوذا قد خرج من العلية وكان المسيح وحده مع الأحد عشر . كان مزمعا أن يحدثهم عن افتراقه الوشيك عنهم ، ولكنه قبل أن يفعل ذلك أشار إلى الغاية العظمى لرسالته . هذه هي الغاية التي جعلها نصب عينيه دائما . لقد كان سرور قلبه أن اتضاعه وكل آلامه تمجد اسم الآب . وقد وجه أفكار تلاميذه إلى هذا الأمر أولا . ML 630.1
وإذ خاطبهم بتعبير الإعزاز “يا أولادي” قال: “أنا معكم زماناً قليلاً بعد. ستطلبونني، وكمل قلت لليهود: حيث أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، أقول لكم أنتم الآن” (يوحنا 13 : 33). ML 630.2
لم يستطع التلاميذ أن يفرحوا عندما سمعوا هذا الكلام . فلقد شملهم الخوف والتفوا حول المخلص . إن سيدهم وربهم وصديقهم ومعلمهم المحبوب كان أعز عليهم من الحياة . ففي كل ضيقاتهم ومتاعبهم نظروا إليه في طلب العون ، وكان عزاءهم في أحزانهم وفشلهم ، ولكن ها هو مزمع أن يتركهم وهم الشرذمة الموجودة الضعيفة . لقد كانت التطيرات المحزنة السوداء تملأ قلوبهم . ML 630.3
لكن أقوال المسيح التي نطق بها في مسامعهم كانت مفعمة بالرجاء . لقد عرف أن العدو سيهاجمهم ، وأن حيل الشيطان ناجحة وقوية جداً ضد هؤلاء الذين كانت تضايقهم الصعوبات . ولذلك ارتقى بهم عن الأشياء التي ترى إلى “التي لا ترى” (2 كورنثوس 4 : 18)، فحول أنظارهم عن أرض الغربة إلى الوطن السماوي. ML 630.4