استطرد المسيح قائلا: “ الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً” (يوحنا 14: 12). كان المخلص يتوق من أعماق قلبه إلى أن يفهم تلاميذه لأية غاية اتحدت ألوهيته بالبشرية . لقد أتى إلى العالم لكي يظهر مجد الله ، لكي يرفع الإنسان بقوة ذلك المجد المجددة. تجلى الله فيه لكي يتجلى هو فيهم . إن يسوع لم يظهر أي صفات ولا مارس أية قوات إلا ويمكن للناس أن ينالوها بالإيمان به . فيمكن لكل تابعيه أن يمتلكوا بشريته الكاملة إذا خضعوا لله كما قد فعل هو. ML 632.5
“ويعمل أعظم منها، لأني ماض إلى أبي”. ولكن المسيح لم يكن يقصد بهذا القول أن عمل تلاميذه يمكن أن يكون من نوع أسمى مما قد عمل هو ، بل قصد أنه سيكون أبعد مدى وأوسع . إنه لم يشر إلى صنع المعجزات فقط بل أشار إلى كل ما يمكن أن يحدث تحت تأثير الروح القدس. ML 633.1
بعد صعود الرب تحقق التلاميذ من إتمام وعده . إن مشاهد صلب المسيح وقيامته وصعوده كانت حقائق حية بالنسبة إليهم . لقد رأوا النبوات تتم حرفيا . وإذ فتشوا الكتب قبلوا تعاليمها بإيمان ويقين لم يختبروهما من قبل . وعلموا أن معلمهم الإلهي كان صادقا في كل أقواله . فإذ أفضوا إلى الناس باختبارهم وعظموا محبة الله ذابت قلوب الناس وخضعت فأمنت جماهير كثيرة بيسوع. ML 633.2
إن وعد المخلص لتلاميذه هو أيضاً وعد لكنيسته إلى انقضاء الدهر . إن الله لم يقصد أن تدبيره العجيب لفداء بنى الإنسان يحقق نتائج زهيدة . فكل من يخرجون للعمل غير متكلين على ما يستطيعون هم عمله بل على ما يستطيع الله أن يعمله بواسطتهم ولأجلهم لا بد أن يتحققوا من إتمام وعده . فلقد أعلن السيد قائلا: “الأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها، لأني ماض إلى أبي” (يوحنا 14 : 12). ML 633.3
لم يكن التلاميذ إلى ذلك الحين يدرون شيئا عن إمكانيات وقدرة المخلص غير المحدودة . فقال لهم: “إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي” (يوحنا 16 : 24). وقد أوضح لهم أن السر في نجاحهم هو في كونهم يسألون القوة والنعمة باسمه . إنه سيتراءى أمام الآب ليسأله من أجلهم . إن يسوع يقدم صلاة أي مصل متضع كأنها رغبته هو لأجل مصلحة تلك النفس . فكل صلاة منبعثة من قلب مخلص تسمع في السماء . قد لا تكون صلاة فصيحة أو فيها ألفاظ منمقة ، ولكن متى كانت صاعدة من القلب فسترتفع إلى المقدس الذي يخدم فيه يسوع وهو يقدمها إلى الآب دون أن تكون فيها كلمة واحدة غير مصقولة أو فيها أية لعثمة بل تكون جميلة وعطرة ببخور كمالاته. ML 633.4