وإذ اقتربوا من البستان لاحظ التلاميذ التبدل الذي ظهر على معلمهم . لم يسبق لهم أن رأوه في مثل ذلك الحزن وذلك الوجوم . وإذ كان يتقدم في سيره زاد هول تلك الكآبة ، ومع ذلك لم يجسروا أن يسألوه عن سبب حزنه وكآبته . كان يترنح كأنه يوشك أن يسقط .وعند وصولهم إلى البستان بحث التلاميذ بكل جزع عن مكان اعتكافه المعتاد حتى يستريح معلمهم . كل خطوة كان يخطوها الآن كان يبذل فيها جهدا عنيفا . كان يتأوه بصوت عال كأنما يتألم من ضغط حمل ثقيل . ولولا أن تلاميذه سندوه مرتين لسقط على الأرض. ML 649.3
وعند مدخل البستان ترك يسوع جميع التلاميذ ما عدا ثلاثة ، وطلب منهم أن يصلوا لأجل أنفسهم ولأجله . دخل إلى ذلك المخبأ المنعزل يصحبه بطرس ويعقوب ويوحنا . لقد كان هؤلاء الثلاثة هم ألصق صحب المسيح . كانوا قد رأوا مجده على جبل التجلي ورأوا موسى وإيليا يتكلمان معه وسمعوا الصوت الآتي من السماء . والآن فها المسيح في صراعه العظيم يطلب منهم أن يكونوا معه . لقد كانوا مرارا كثيرة يقضون الليل معه في هذا المعتكف . وفي تلك الأوقات كانوا بعدما يقضون وقتا في السهر والصلاة ينامون بهدوء على مقربة من معلمهم إلى أن يوقظهم في الصباح ليخرجوا ليستأنفوا عملهم من جديد . أما الآن فهو يطلب منهم أن يقضوا الليلة معه في الصلاة . ومع ذلك فهو لا يحتمل أن يشهد حتى أخصاؤه هؤلاء الآلام التي كان عليه أن يحتملها. ML 650.1
قال يسوع لأولئك التلاميذ الثلاثة :“امكثوا ههنا واسهروا معي” (متى 26 : 38). ML 650.2
مضى عنهم قليلا ، غير مبتعد ليمكنهم رؤيته وسماعه ، وخر على الأرض. وقد أحس أنه لكونه حمل الخطية فقد انفصل عن أبيه . كانت الهوة واسعة وعميقة ومظلمة جدا فارتجفت روحه أمامها . وينبغي ألا يسخر قوته الإلهية للهرب من تلك الآلام الرهيبة فكإنسان عليه أن يتحمل قصاص خطية الإنسان ، وكإنسان عليه أن يتحمل غضب الله على العصيان. ML 650.3