عندما أعلن بيلاطس أنه بريء من دم المسيح أجابه قيافا متحديا: “دمه علينا وعلى أولادنا” (متى 27 : 25). وقد ردد الكهنة والرؤساء نفس تلك الكلمات المخيفة ، كما دوت بها أصوات الجموع الوحشية . “دمه علينا وعلى أولادنا”. ML 701.3
اختار شعب إسرائيل لأنفسهم . فإذ أشاروا إلى يسوع قالوا: “ليس هذا با باراباس!” (يوحنا 18 : 40). إن باراباس الذي كان لصا قاتلا كان رمزا للشيطان ، أما المسيح فكان يمثل الله . وقد رفضوا المسيح واختاروا باراباس . وكان باراباس سيطلق لهم . وهم إذ وقع اختيارهم على باراباس فقد اختاروا ذلك الذي كان من البدء كذابا وقتالا للناس . لقد كان الشيطان قائدا لهم . وكأمة نفذوا كل أوامر الشيطان . لقد عزموا على أن يعملوا أعماله ولا بد أن يخضعوا لحكمه القاسي . وذلك الشعب الذين اختاروا باراباس ورفضوا المسيح كان لا بد لهم أن يجرعوا تلك الكأس المريرة كأس قسوة باراباس إلى انقضاء الدهر. ML 701.4
إن اليهود إذ نظروا إلى حمل الله المضروب والمتألم صرخوا قائلين: “دمه علينا وعلى أولادنا” وقد صعدت تلك الصرخة المخيفة إلى عرش الله . وذلك الحكم الذي حكموا به على أنفسهم كتب في السماء . فأجيبت تلك الطلبة ، إذ صار دم ابن الله لعنة دائمة على أولادهم وأولاد أولادهم. ML 701.5
كل ذلك تحقق بكيفية مرعبة في خراب أورشليم ، وأظهر ذلك كله بكيفية مخيفة في الأحداث التي مرت بالأمة اليهودية مدى ثمانية عشر قرنا- إذ كانوا غصنا مقطوعا من الكرمة ، غصنا يابسا وعقيما ليجمع ويطرح في النار ويحترق . وإذ كانوا يجولون في كل العالم من أرض إلى أرض ومن قطر إلى قطر كانوا أمواتا ، نعم أمواتا بالذنوب والخطايا. ML 702.1
وستجاب تلك الطلبة بكيفية مرعبة في يوم الدين العظيم . إذ عندما يجيء المسيح إلى الأرض ثانية فالناس لن يروه كما كان أسيرا يحدق به الرعاع: ولكنهم سيرونه كمن هو ملك السماء . إنه سيأتي في مجده ومجد أبيه ومجد الملائكة القديسين . وستكون حاشيته التي ترافقه في طريقه ربوات ربوات وألوف ألوف من الملائكة الذين هم أبناء الله الحسان المنتصرون وعليهم مسحة من الجمال والمجد لا تباري . وحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب . حينئذ ستراه كل عين والذين طعنوه . وعوضا عن إكليل الشوك سيلبس إكليل المجد- إكليل في داخل إكليل . وبدلا من ذلك الرداء الأرجواني البالي سيتسربل بثوب أشد بياضا من النور: “لا يقدر قصّار على الأرض أن يبيّض مثل ذلك” (مرقس 9 : 3). “وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب: ملك الملوك ورب الأرباب” (رؤيا 19 : 16). وسيكون هناك أولئك الذين سخروا به وضربوه . ومرة أخرى سيرى الكهنة والرؤساء ذلك المشهد الذي قد رأوه في دار القضاء . وكل حادث سيظهر أمامهم كما لو كان مكتوبا بحروف من نار . وحينئذ فالذين صرخوا قائلين: “دمه علينا وعلى أولادنا” سيجابون إلى طلبهم . وحينئذ سيعرف العالم كله ويدرك . وحينئذ سيتحققون من شخصية ذاك الذي كانوا يحاربونه مع إنهم بشر ضعفاء . ففي رعب وعذاب هائلين سيصرخون إلى الجبال والصخور قائلين: “اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومن يستطيع الوقوف؟” (رؤيا 6 : 16 و 17). ML 702.2