إن المسيح لم يسلم الروح إلا بعدما أكمل العمل الذي قد أتى إلى العالم ليعمله . وفيما هو يسلم الروح قال: “قد أكمل” (يوحنا 19 : 30). لقد كسب المعركة . إن يمينه وذراع قدسه قد منحتاه النصرة . وكمنتصر غرس رايته على المرتفعات الدهرية . ألم يكن هنالك فرح بين الملائكة ؟ لقد انتصرت السماء كلها بنصرة المخلص . أما الشيطان فقد انهزم وعلم أن مملكته قد ضاعت. ML 720.1
إن القول “قد أكمل” كان له معنى عميق عند الملائكة والخلائق غير الساقطة ، إذ عمل الفداء العظيم قد أكمل لأجلهم كما لأجلنا فهم يشتركون معنا فى ثمار نصرة المسيح. ML 720.2
إن خلق الشيطان لم يعرف على حقيقته للملائكة أو العوالم غير الساقطة إلى أن مات المسيح . لقد ارتدى رئيس المرتدين ثياب الخداع حتى أن الخلائق المقدسة نفسها لم تدرك مبادئه ولم يروا بكل وضوح طبيعة عصيانه. ML 720.3
لقد كان مخلوقا ذا قوة ومجد عجيبين ذاك الذي وقف يحارب الله . يقول الرب عن لوسيفر: “أنت خاتم الكمال، ولآن حكمة وكامل الجمال” (حزقيال 28 : 12). كان لوسيفر هو الكروب المظلل . وكان يقف في نور وجه الله . لقد كان أسمى كل الخلائق وفي مقدمة من أعلنوا مقاصد الله للمسكونة . وبعدما أخطأ زادت وتفاقمت قوته على الخداع فصار من الصعب اكتشاف خلقه بسبب المركز السامي الذي كان له عند الآب. ML 720.4
كان الله يستطيع أن يهلك الشيطان والذين شاطروه الشعور بمثل السهولة التي بها يلقي الإنسان حصاة على الأرض . ولكنه لم يفعل هذا . لم يكن يمكن الانتصار على العصيان بالعنف . إن قوة الإرغام لا توجد إلا تحت حكم الشيطان . أما مبادئ الرب فليست هكذا ، فسلطته ترتكز على الصلاح والرحمة والمحبة . وكان إبراز هذه المبادئ هو الوسيلة التي استخدمت . إن حكم الله حكم أدبي ، والحق والمحبة هما القوة الغالبة. ML 720.5
كان قصد الله هو وضع الأشياء على أساس أبدي راسخ ، وفى مجالس السماء تقرر أن يعطى الشيطان الوقت الكافي ليظهر المبادئ التي ستكون أساس نظام حكمه . ولقد أدعى أن مبادئه هذه كانت أسمى من مبادئ الله ، وقد أعطي الوقت الكافي لتفاعل مبادئ الشيطان لكي تراها المسكونة السماوية. ML 721.1
قاد الشيطان الناس إلى الخطية فبدأ تدبير الفداء في العمل . ولمدى أربعة آلاف سنة كان المسيح يعمل لرفع الإنسان بينما كان الشيطان يعمل على هلاكه وانحطاطه . وشاهدت المسكونة السماوية ذلك كله. ML 721.2