ينبغي تقديم الإنجيل لا كنظرية عديمة الحياة بل كقوة عاملة على تغيير الحياة. إن الله يريد أن من يقبلون نعمته يشهدون لقوتها . فأولئك الذين كان تصرفهم مغيظا له جدا يقبلهم مرحبا بهم . عندما يتوبون يعطيهم من روحه الإلهي ويضعهم في أسمى مراكز الثقة ويرسلهم إلى معسكر العصاة ليعلنوا لهم عن رحمته غير المحدودة . وهو يطلب من عبيده أن يشهدوا لهذه الحقيقة وهي أنه بواسطة نعمته يمكن للناس أن يحصلوا على صفات شبيهة بصفات المسيح ، ويمكنهم أن يفرحوا بيقين محبته . وهو يريدنا أن نشهد لهذه الحقيقة وهي أن الرب لا يستطيع أن يستريح حتى يسترد الجنس البشري ويعود إلى مركزه السابق ليكون للناس امتيازهم المقدس وهو أن يكونوا بنين وبنات له. ML 781.2
إن في المسيح رقة قلب الراعي ومحبة الآب ونعمة المخلص الرحيم التي لا تبارى. إنه يقدم بركاته بناء على أعظم الشروط ترغيبا . وهو لا يكتفي بمجرد الإعلان عن هذه البركات ، ولكنه يقدمها بطريقة تجعلها على أشد جانب من الجاذبية ليوقظوا في النفوس الرغبة في امتلاكها . وهكذا يجب على خدامه أن يقدموا غنى مجد العطية التي لا يعبر عنها . إن محبة المسيح العجيبة تذيب القلوب وتخضعها في حين أن مجرد تكرار العقيدة لا يجدي شيئا ولا يأتى بنتيجة . “عزّوا، عزّوا شعبي، يقول إلهكم”، “على جبل عال اصعدي، يا مبشرة صهيون. ارفعي صوتك بقوة، يا مبشرة أورشليم. ارفعي لا تخافي. قولي لمدن يهوذا: هوذا إلهك ... كراع يرعى قطيعه. بذراعه يجمع الحملان، وفي حصنه يحملها” (إشعياء 40 : 1، 9، 11). أخبروا الناس عن ذاك الذي هو “معلّم بين ربوة” والذي “كله مشتهيات” (نسيد 5 : 10 و 16). إن الكلام وحده لا يكفي بل ينبغي أن تنعكس صفات المسيح على أخلاقنا وتظهر في حياتنا . إن المسيح ينتظر من كل تلميذ أمين أن يعكس صورته . والله قد سبق فعين كل أولاده “ليكونوا مشابهي صورة ابنه” (رومية 8 : 29). وفي حياة كل واحد ينبغي أن حياة المسيح الطويلة الأناة وقداسته ووداعته ورحمته وحقه تعلن للعالم. ML 782.1
خرج التلاميذ الأولون ليكرزوا بالكلمة فأظهروا المسيح في حياتهم. وكان الرب يعمل معهم، “يثبت الكلام بالآيات التابعة” (مرقس 16 : 20). إن هؤلاء التلاميذ أعدوا أنفسهم لعملهم . وقد اجتمعوا معا قبل يوم الخمسين وطرحوا عنهم كل الخلافات . كانوا جميعهم معا بنفس واحدة وكانوا يؤمنون بوعد المسيح بإعطائهم البركة فصلوا بإيمان . إنهم لم يطلبوا البركة لأنفسهم فقط ، فلقد كانوا مثقلين بحمل عظيم لخلاص النفوس . كان ينبغي أن يحمل الإنجيل إلى أقصى الأرض ، وقد طلب التلاميذ الحصول على القوة التي قد وعدهم المسيح بها . وهكذا انسكب عليهم الروح القدس وآمن آلاف من الناس في يوم واحد ML 782.2
وهكذا يمكن أن يحدث ذلك الآن. وبدلا من آراء الناس ليكرز الخدام بكلمة الله . وليطرح المسيحيون عنهم انقساماتهم ومنازعاتهم وليسلموا أنفسهم لله ليستخدمهم في خلاص الهالكين. ليطلبوا البركة بإيمان فتأتي . إن انسكاب الروح في أيام الرسل كان هو “المطر المبكر” وقد كانت نتائجه مجيدة. أنا “المطر المتأخر” فسيكون أغنى وأغزر (يوئيل 2 : 23). ML 782.3