حان الوقت الذي يصعد المسيح فيه إلى عرش أبيه. فكمنتصر إلهي كان مزمعا أن يعود بتذكارات انتصاره إلى المواطن السماوية . كان قد أعلن قبل موته قائلا لأبيه: “ألعمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته” (يوحنا 17 : 4). وبعد قيامته ظل باقيا على الأرض بعض الوقت حتى يتعرف عليه تلاميذه في جسده المقام الممجد . أما الآن فقد استعد للانطلاق . لقد أثبت حقيقة كونه مخلصا حيا . لم يكن بالتلاميذ حاجة لأن يشركوا بينه وبين القبر ، ولكنهم بدأوا يفكرون فيه كمن هو ممجد في نظر مسكونة السماء. ML 784.1
اختار يسوع لمكان صعوده بقعة طالما قدسها بحضوره حين كان يعيش بين الناس .إنه لم يشرف جبل صهيون حيث مدينة داود ولا جبل المريا حيث يرى الهيكل ، فهناك سخر الشعب بالمسيح ورفضوه ، وهناك بعدما عادت أمواج الرحمة بقوة محبة أعظم صدتها تلك القلوب التي هي أقسى من الصخر. فإذ كان يسوع لذلك متعبا ومثقل القلب خرج من هناك ليستريح في جبل الزيتون . إن الشكينا المقدس إذ ارتحل عن الهيكل الأول استقر على الجبل الشرقي كأنما كان يأبى ترك المدينة المقدسة . فهكذا وقف المسيح فوق جبل الزيتون بقلب مشتاق وهو يشرف على أورشليم . لقد تقدست أحراش الجبل وأوديته بصلواته ودموعه . وقد رددت جوانبه صدى هتاف النصرة من الجماهير معلنة أنه ملك إسرائيل . وعند سفره وجد مكانا يستريح فيه في بيت لعازر ببيت عنيا . وفي بستان جثسيماني الواقع عند أسفل الجبل كان السيد يصلي معذبا وحده . فكان صعوده إلى السماء من فوق هذا الجبل . وحين يأتي مرة أخرى ستستقر قدماه فوق قمة هذا الجبل نفسه . ولن يأتي كرجل أوجاع بل كملك منتصر ومجيد عندما يقف على جبل الزيتون ، عندما ترتفع أصوات هتافات العبرانيين قائلة هللويا ممتزجة بتسبيحات الأمم قائلة أوصنا ، وأصوات هتاف جماهير المفديين العظيمة سترتفع منشدة وقائلة: توجوه ربا على الكل. ML 784.2