ولما أتى يسوع ليعتمد استطاع يوحنا أن يرى فيه نبلا وطهارة لم يرهما في أي إنسان من قبل. ولقد كان جو حضوره مقدسا وموجبا للتهيب . كان يوحنا قد سمح من الحشد الذي تجمع حوله بالأردن كثيراً من القصص المؤلمة التي حدثت لتلك الجموع عن الجرائم التي ارتكبوها ، وقد رأى نفوسا منحنية تحت ثقل الخطايا المريعة ولكنه لم يشاهد قط شخصا كهذا يفوح من حضوره عبير إلهي . كان كل هذا متفقا مع ما كان قد أعلن ليوحنا فيما يختص بمسيا ، ومع ذلك تراجع ولم يجب يسوع إلى طلبه ، إذ كيف يستطيع وهو الإنسان الخاطئ أن يعمد ذاك الذي بلا خطية؟ ولماذا يخضع ذاك الذي لم يكن بحاجة إلى التوبة لفريضة كانت اعترافا بالذنب في طلب التطهير والغفران؟ ML 91.1
فلما طلب يسوع من يوحنا أن يعمده تراجع قائلا: “أنا محتاج أن أعتمد منك، وأنت تأتي إلي!” فأجابه يسوع بسلطان ثابت إنما بكل رقة قائلا: “اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمّل كل بر” (متى 3 : 14، 15). وإذ امتثل له يوحنا نزل به إلى نهر الأردن وغطسه في الماء “فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، وإذا السموات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه” (متى 3 : 16). ML 91.2
إن يسوع قد قبل المعمودية لا على اعتبار أنها اعتراف منه بخطية ارتكبها ، ولكنه وحد نفسه مع الخطاة وسار في نفس الخطوات التي علينا أن نسير فيها وقام بنفس العمل الذي وجب أن نقوم به. كما أن حياة الآلام والصبر والاحتمال التي عاشها بعد عماده كانت أيضاً مثالا لنا. ML 91.3