إن المسيح بحياته وموته قد أتم عملا هو أكثر من مجرد رد وإصلاح ما قد خربته الخطية. لقد كان الشيطان يقصد أن يفصل بين الله والإنسان فصلا أبديا ، ولكننا —في المسيح- نصير متحدين بالله اتحادا أوثق مما لو لم نكن قد سقطنا . فإذ اتخذ المخلص طبيعتنا ربط نفسه بالبشرية برباط لا يمكن أن ينفصم . لقد ارتبط بنا مدى دهور الأبد “لأَنَّه هَذا أَحب اللهُ اْلعاَلم حتَّى بذلَ ابَنه اْلوحيد” (يوحنا 3 : 16). إنه بذله ليس فقط ليحمل خطايانا ويموت كفارة عنا ، ولكنه أعطاه لجنسنا الساقط . ولكي يؤكد لنا الله عهد سلامه الذي لا ينقض فقد بذل ابنه الوحيد ليصير واحدا من الأسرة البشرية وليظل إلى الأبد محتفظا بطبيعته البشرية . هذا هو الضمان على أن الله سينجز وعده: “لأَنَّه يوَلد لَنا وَلد وَنُعطى ابنًا ، وَتكُونُ الرياسةُ على كَتفه” لقد اتخذ الله الطبيعة البشرية في شخص ابنه الذي قد حملها إلى السماء العليا . إن “ابن الإِنسانِ” هو الذي يجلس مع الله في عرش الكون . وابن الإنسان هو الذي يدعى اسمه “عجِيبا ، مشيرا ، إِلها قَديرا ، أَبا أَبديا ، رئيس السلام” (إشعياء 9 : 6). إن “أهية” هو الوسيط بين الله والبشرية الذي يضع يده على كليهما . إن ذاك الذي هو “قُدوسٌ بِلا شَر وَلا دَنسٍ ، قَد اْنَفصلَ عنِ اْلخُطاةِ” وهو “لاَ يسَتحي أَنْ يدعوهم إِخوةً” (عبرانيين 2 : 11). في المسيح ارتبطت الأسرة الأرضية والأسرة السماوية معا . فالمسيح الممجد هو أخونا . فلذلك تعتز السماء بالبشرية ، والبشرية تحتضنها المحبة غير المحدودة . ML 23.2
يصف الله شعبه “كَحجارَةِ التَّاجِ مرفُوعةً على أَرْضه . ما أَجودَهُ وَما أَجمله!” (زكريا 9 : 16 و 17). إن تمجيد المفديين سيكون شهادة أبدية لرحمة الله “لِيظهِر في الدهور الآتية غَنى نعمته اْلَفائِقَ ، بِاللُّطْف عليَنا في اْلمسيحِ يسوعَ” ، “لِكي يعرفَ الآنَ عند الرؤَساءِ وَالسلاطينِ في السماوِياتِ ، بِواسطة اْلكنيسة ، بِحكمة اللهِ اْلمتَنوعة ، حسب قَصد الدهورِ الَّذي صنعه في اْلمسيحِ يسوعَ رَبنَا” (أفسس 2 : 7 ؛ 3 : 10، 11). ML 24.1
وعن طريق عمل المسيح الفدائي يزكو حكم الله وقضاؤه. إن الله القدير يعرف على أنه إله المحبة . إن اتهامات الشيطان قد دحضت وكذبت وكشف الستار عن صفاته، ولن يمكن أن يحدث عصيان فيما بعد . ولن تعود الخطية لتدخل المسكونة فيما بعد . ومدى دهور الأبد سيكون الجميع بمأمن من الارتداد . وبواسطة تضحية المحبة لذاتها قد ارتبط سكان الأرض والسماء بخالقهم بصلات وثيقة لا يمكن أن تنفصم . ML 24.2
إن عمل الفداء سيكون كاملا. ففي المكان الذي فيه كثرت الخطية زادت النعمة وتفاضلت جدا . والأرض نفسها التي كانت ميدانا ادَّعى الشيطان ملكيته ، ستتمجد فضلا عن كونها ستفدى . وعالمنا الصغير الواقع تحت لعنة الخطية ، تلك البقعة السوداء الوحيدة في ملكوت الله المجيد سيكرم أكثر من كل العوالم الأخرى في الكون . فهنا حيث حل ابن الله في جسم بشريته ، وحيث عاش ملك المجد وتألم ومات - هنا عندما يصنع كل شيء جديدا سيحل الله في خيمته في وسط الناس ، وهو “سيسكُن معهم ، وَهم يكُونُونَ لَه شَعبا ، وَاللهُ نَفسه يكُونُ معهم إِلها لَهم” (رؤسا 21 : 3). ومدى دهور الأبد إذ يسير المفديون في نور الرب فسيشكرونه على عطيته التي لا يعبر عنها- ML 24.3
عمانويل، “ الله معنا” ML 24.4