إن مثال المسيح في كونه ارتبط بمصالح البشر ينبغي أن يحتذيه كل من يكرزون بكلمته وكل من قبلوا إنجيل نعمته. ينبغي ألاّ ننبذ الشركة الاجتماعية وألا نعزل أنفسنا عن الآخرين . فلكي يمكننا الوصول إلى كل الطبقات علينا أن نذهب لمقابلتهم حيث هم ، إذ يندر أنهم يطلبوننا من تلقاء أنفسهم . إن قلوب الناس لا تتأثر بالحق الإلهي الذي يلقى من على المنبر فقط ، بل هناك حقل آخر للعمل ، قد يكون وضيعا ولكنه يبشر بحصاد وفير ، إنه في أكواخ الفقراء كما في قصور الأغنياء والعظماء ، على المائدة وفي مجتمعات الأُنس البريئة. ML 132.2
وكتلاميذ للمسيح نحن لا نختلط بالعالم لمجرد حب السرور أو الملذات ، ولا لنشارك الناس في جهالاتهم ، فمثل تلك الاجتماعات لا ينجم عنها سوى الضرر. ينبغي ألاّ نبيح الخطية بكلامنا أو أعمالنا أو صمتنا أو حضورنا . فأينما نذهب ينبغي لنا أن نصطحب يسوع معنا وأن نعلن للآخرين عن قيمة مخلصنا العظيمة . أما أولئك الذين يريدون الاحتفاظ بديانتهم بإخفائها في حصون مشيدة فستضيع عليهم فرص كثيرة لعمل الخير ، إذ عن طريق الصلات الاجتماعية تتقارب المسيحية من العالم . فكل من قد حصل على النور الإلهي عليه أن ينير طريق أولئك الذين لا يعرفون نور الحياة. ML 132.3
علينا جميعا أن نكون شهودا ليسوع. فالجاذبية الاجتماعية أو ميل الإنسان إلى المعاشرة إذ تتقدس بنعمة المسيح ينبغي استخدامها في ربح النفوس للمخلص. لير العالم أننا لسنا بكل أنانية مشغولين في مصالحنا الخاصة ، بل أننا نرغب في إشراك الآخرين في بركاتنا وامتيازاتنا . لنرِهم أن ديانتنا لا تجعلنا عديمي العطف أو متعصبين. فعلى كل من يعترفون بأنهم قد وجدوا المسيح أن يخدموه كما قد خدم هو لخير الناس. ML 132.4
ينبغي ألاّ نجعل العالم يعتقد اعتقادا كاذبا أن المسيحيين قوم تعساء تعلو العبوسة وجوههم. فإذا ثبتنا أنظارنا في يسوع سنرى أنه الفادي العطوف وسيشرق نور وجهه علينا ، إذ حيثما يملك روحه يحل السلام . وسيكون هنالك أيضاً الفرح لأن في الله ثقة مقدسة هادئة. ML 133.1
إن المسيح يفرح بتابعيه عندما يبرهنون على أنهم شركاء الطبيعة الإلهية مع أنهم بشر مجبولون من التراب. إنهم ليسوا تماثيل جامدة ولكنهم أناس أحياء . فقلوبهم إذ تنتعش بندى النعمة الإلهية تنفتح وتتسع لشمس البر ، والنور الذي يشع عليهم يعكسونه على الآخرين في أعمالهم المنيرة بمحبة المسيح. ML 133.2