كان يطَلب من كل يهودي أن يدفع نصف شاقل كل سنة “ فدية نَفسه”، وكانت تلك الأموال التي تجمع تستخدم في مطاليب الهيكل (خروج 30 : 12 — 16). وفضلا عن هذا فإن مبالغ طائلة كان يؤتى بها كتقدمات طوعية لتوضع في خزانة الهيكل . وكان يطلب استبدال كل النقود الأجنبية بعملة تسمى شاقل القدس ، وهي وحدها التي كانت تُقبل في خدمة الهيكل . وكانت عملية استبدال النقود فرصة سانحة للغش والاغتصاب . وتلك التجارة التي كانت موردا للثروة الطائلة التي كان الكهنة يستحوذون عليها ، صارت تجارة شائنة إلى أقصى حد. ML 135.1
كان التجار يفرضون على الحيوانات التي يبيعونها أثمانا خيالية باهظة ، وكان يقاسمهم في الأرباح الكهنة والرؤساء الذين أثروا على حساب الشعب. وقد أفلح أولئك القادة في إقناع العابدين بأنهم إذا لم يقدموا ذبائح فلن تستقر بركة الله على أولادهم أو أراضيهم ، وهكذا أمكن الحصول على أثمان غالية للحيوانات التي كانت تُباع ، لأن الشعب بعدما قطعوا أبعادا شاسعة من أوطانهم إلى أورشليم لم يكونوا يريدون العودة إلى بلادهم دون تقديم فروض العبادة التي قد أتوا ليمارسوها. ML 135.2
وفي عيد الفصح كان يقدم عدد هائل من الذبائح فكانت المبيعات في الهيكل ضخمة للغاية ، وكانت الضجة الهائلة الناشئة عن حركة بيع الماشية وشرائها تدل على أن ذلك المكان قد استحال من هيكل مقدس يعبد فيه الله إلى سوق تباع فيها الحيوانات. فكنت تسمع أصوات المساومات العالية وخوار البقر وثغاء الغنم وهديل الحمام ، وكان كل ذلك مختلطا برنين الفضة وأصوات المخاصمات الصاخبة . كانت تلك الضجة عظيمة بحيث شوشت على العابدين ، حتى أن الصلوات التي كانت تُرَفع إلى الله العلي طغت عليها تلك الغوغاء العالية التي خيمت على الهيكل . كان اليهود يفخرون ويتشدقون بتقواهم ، ويغبطون أنفسهم على هيكلهم ، ويعتبرون كل من يتكلم كلمة سوء في حقه مجدفا ، ويدققون أشد التدقيق في ممارسة الطقوس الخاصة به . ولكن حب المال طغى على ذلك كله ، وكادوا لا يدرون إلى أي دركة قد انحطوا عن الغرض الأصلي لتلك الخدمة التي قد سنها الله نفسه. ML 135.3