هنا يعلن السيد نفس الحق الذي سبق فأعلنه لنيقوديموس عندما قال: “ الله روح. والذي يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا” (يوحنا 3 : 3). إن الناس لا يتمتعون بالشركة مع السماء بالبحث عن جبل مقدس وهيكل مقدس لعبادة الله. فالديانة لا تنحصر في الطقوس والفرائض الخارجية . إنما الديانة التي تأتينا من الله هي وحدها التي ترشدنا إليه . فلكي نخدمه خدمة مرضية ينبغي لنا أن نولد من روح الله . هذا يطهر القلب ويجدد الذهن واهباً إيانا قدرة جديدة على معرفة الله ومحبته ويجعلنا نطيع كل مطاليب الله بمحض اختيارنا . هذا هو السجود الحقيقي وهو ثمرة عمل الروح القدس . فالروح هو الذي يملي علينا كل صلاة مخلصة ومثل تلك الصلاة تقبل أمام الله . فأينما وجدت نفسي تشتاق إلى الله فهناك يبدو عمل الروح جليا ولابد من أن يعلن الله نفسه لتلك النفس . والآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له ، وهو ينتظر ليقبلهم ويتخذهم له بنين وبنات. ML 165.4
وإذ كانت المرأة تصغي ليسوع تأثرت من كلامه. لم يسبق لها أن سمعت مثل تلك المبادئ من أفواه كهنة قومها أو من اليهود ، وإذ انكشف لها تاريخها الماضي بدأت تحس بحاجتها العظمى ، وتحققت من أن نفسها عطشى ولا تستطيع مياه بئر سوخار أن تروي ذلك العطش . ولم يسبق أن شيئا مما حدث لها في الماضي أيقظ في نفسها الشعور بحاجتها إلى شيء أعظم وأسمى . وقد أقنعها يسوع بأنه قد عرف مكنونات قلبها وأسرار حياتها ، ومع ذلك فقد كانت تحس بأنه صديقها المحب العطوف . ومع أن طهارة حضوره قد دانت خطيتها فهو لم ينطق بكلمة تشهير بل أخبرها عن نعمته التي تستطيع أن تجدد النفس، حتى بدأت تكون لنفسها اعتقادا عن شخصيته . ثم خطر لها هذا الخاطر- ألا يمكن أن يكون هذا هو مسيا الذي ظل الناس ينتظرونه طويلا؟ قالت له: “أنا أعلم أن مسيّا، الذي يقال له المسيح، يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء” (يوحنا 4 : 25 و 12). ML 166.1