إن ترويح النفس لازم للذين يمارسون الأعمال اليدوية، و لكنه ألزم بنوع أخص للمشتغلين بالأعمال الفكرية. إن انصباب عقولنا على العمل انصباباً متصلاً مفرطاً ليس بالأمر الجوهري لخلاصنا أو لتمجيد الله، حتى لو كان ذلك بصدد مواضيع دينية، غير أن هناك ضروباً من التسلية مثل الرقص و لعب الورق و الشطرنج و لعبة الداما... إلخ، التي لا نستطيع الموافقة عليها لأن السماء تحرمها و تدينها لكونها تفتح الباب لشرور عظيمة، ليست هذه الألعاب مجدية في باعثها، بل لها من التأثير المثير ما يولّد في بعض العقول شهوة لتلك الألعاب التي تقود إلى القمار و الإسراف، فعلي المسيحيين أن يحرموا هذه الألعاب كلها و يستعيضوا عنها بغيرها مما لا ضرر منه البتة. SM 412.1
رأيت أنه من واجبنا ألا نقضي أيام العطلة دون أن نلتفت إليها، لأن من شأن ذلك أن يدخل السأم و عدم الرضا إلى نفوس أولادنا، فإذا كان ثمة خطر من أن يتعرض أولادنا في أيام العطلة للتأثيرات الشريرة و فساد العالم فعلى الوالدين أن يجدوا لهم من ألوان المتع البريئة ما يأخذ مكان هذه التسليات الأشد خطراً، و ليفعل الوالدون ذلك بحيث يفهم أولادهم أن الهدف منه خيرهم و سعادتهم. SM 412.2
لتجتمع بضع عائلات ممن يقطنون معاً في مدينة أو قرية و يتركوا مشغولياتهم التي أرهقت قواهم الجسمية و العقلية و يقوموا برحلة إلى الريف، إلى ضفة بحيرة هادئة أو إلى أجمة وادعة حيث المناظر الطبيعية الجميلة الساحرة. و ليتزودوا بطعام صحي بسيط يتألف من أحسن الثمار و الحبوب، و ليمدوا مائدتهم في ظل شجرة ما أو تحت القبة الزرقاء، و إن قطع المسافة و الرياضة و المناظر الخلابة كفيلة كلها بأن تثير فيهم القابلية للطعام فيمكنهم إذ ذاك أن يتمتعوا بوليمة تحسدهم عليها الملوك. SM 413.1
و ينبغي للوالدين و الأولاد في مناسبات كهذه أن يشعروا بالتحرر من الهم و العمل و القلق. و ينبغي أن يصيروا أطفالاً مع أطفالهم، و ألا يدخروا وسعاً في إسعادهم. و لينفق اليوم كله في ترويح النفس. SM 413.2
والارتياض في الهواء الطلق نافع ولا غنى عنه لصحة الذين تقتضيهم مهنهم أن يزاولوا جلوياً بين أربعة جدران. و ينبغي لجميع الذين باستطاعتهم أن يفعلوا ذلك أن يفعلوه كواجب. ليس في الأمر خسارة، بل ربح جزيل، إذ يؤتيهم مقدرة على العودة إلى أعمالهم بحياة جديدة و شجاعة جديدة ليستأنفوها بحرارة و نشاط، و قد صاروا أكثر استعداداً لمقاومة المرض — (1 ه : 514 و 515). SM 413.3