أي أنه لن يكون له مكان فيه. لأن من ينقض وصية واحدة في إصرار لا يحفظ أياً منهن بالروح والحق « لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ » (يعقوب 2: 10). ArMB 26.2
إنّ ما يحدد الخطية ليس هو جسامة عمل العصيان بل هو مخالفة ومناقضة إرادة الله الصريحة في أقل تفاصيلها، لأن هذا يبرهن على أنه لا تزال توجد شركة بين النفس والخطية. فالقلب منقسم وموزع في خدمته. فيوجد إنكار فعلي لله وعصيان على شرائع حكمه. ArMB 26.3
لو كانت للناس الحرية لأن يبتعدوا عن مطاليب الرب ويقيموا لأنفسهم مقياسا للواجب، لكان يوجد تباين في المقاييس لتوافق العقول المتباينة وكانت عصا الملك تُغتصب من يدي الرب. وكانت إرادة الإنسان هي الإرادة العليا، وكانت إرادة الله السامية المقدسة ـ قصد محبته نحو خلائقه ـ تحتقر ويستهان بها. ArMB 26.4
إن الناس كلما اختاروا طريقهم الذاتية فانهم يقفون من الله موقف الخصومة والنزاع، ولن يكون لهم مكان في ملكوت السَّمَاوَات لأنهم في حالة حرب مع مبادئ السماء نفسها. فإذ يستهينون بإرادة الله فهم ينضوون تحت راية الشيطان عدو الله والإنسان. إنّ الإنسان يحيا لا بكلمة واحدة ولا بكلام كثير بل بكل كلمة يتكلم بها الله. فلا يمكننا أن نغفل كلمة واحدة مهما يبدو لنا أنها تافهة ونكون في أمان. فلا توجد وصية واحدة في الناموس ليست لخير الإنسان وسعادته في هذه الحياة وفي الحياة العتيدة أيضاً. إنّ الإنسان إذ يطيع شريعة الله يحاط كما بسياج ويحفظ من الشرّ. فالذي ينقض هذا السياج الذي قد أقامه الله في أمرٍ واحدٍ فقد عطل قوّته عن حمايته، لأنَّه قد فتح طريقا يمكن للعدو أن يدخل منه فيفسد ويهلك. ArMB 26.5
إنّ أبوينا الأولين إذ تجاسرا على الاستهانة بإرادة الله في أمرِ واحدٍ فتحا أبواب طوفان الشقاء على العالم. وكلُّ إنسان يتمثل بهما سيحصد نفس الحصاد المرير. إنّ محبة الله تكمن تحت كل وصية من وصايا شريعته فالذي يبتعد عن الوصية إنما يجلب على نفسه الشقاء والهلاك. ArMB 26.6