كان اليهود يفاخرون بأخلاقهم وعفتهم، وينظرون برعب إلى أعمال الوثنيين الشهوانية. وإنّ وجود الضباط الرومان الذين قد جلبهم الحاكم الإمبراطوري إلى فلسطين كان أمرا مثيرا لضغينة الشعب على الدوام، لأنَّه مع هؤلاء الغرباء اندفق سيل من العادات الوثنية والشهوات والإسراف والخلاعة إلى داخل البلاد. ففي كفرنَاحُوم كان الموظفون الرومان مع عشيقاتهم المرحات يغشون الحفلات والمتنزهات وكثيرا ما كان صوت العربدة يشوّش على سكون البحيرة عندما كانت قوارب النزهة التي لهم تتهادى على المياه الهادئة. وكان الشعب ينتظرون أن يشهّر يسوع بصرامة بهذا الفريق من الناس، ولكن كم كانت دهشتهم بالغة عندما أصغوا إلى كلامه الذي كشف عن شرّ قلوبهم! ArMB 29.8
قال يسوع: عندما يحتضن الإنسان الفكر الشرير ويحبه مهما يكن ذلك سرّا دفيناً فهذا يدل على أنّ الخطية لا تزال مسيطرة على القلب. والنفس لا تزال في مرارة المرّ ورباط الظلم. والذي يجد لذته في الكلام عن مشاهد النجاسة والذي ينغمس في الفكر الشرّير والنظرة الشهوانية، يمكنه أن يرى في الخطية العلنية بثقل عارها وخزيها الذي يكسر القلب، طبيعةَ الشرّ الذي قد أخفاه في مخادع نفسه على حقيقته. إنّ وقت التجربة التي تحتها يمكن أن يسقط الإنسان في خطية شنيعة لا يخلق الشرّ الذي يظهر ولكنه فقط يزيد أو يظهر ما كان مخفيّا ومضمرا في القلب. « كَمَا شَعَرَ (الإنسان) فِي نَفْسِهِ هكَذَا هُوَ» (أمثال 23: 7)، لأَنْ مِنَ الْقَلْب « مخارج الحياة » (أمثال 4: 23). ArMB 30.1