سؤال غريب

قال لاتيمر: ”أريد الآن أن أسأل سؤالا غريبا : من هو أكثر أساقفة انجلترا نشاطا واجتهادا ؟ ... أراكم تنصتون باهتمام عظيم في انتظار ذكر اسمه ... سأقول لكم عن اسمه، انه الشيطان . انه لا يترك أسقفيته البتة، ففي كل وقت تذهبون لزيارته تجدونه هناك ... وهو دائب في عمله دائم ا... لا يمكن أن تجدوه خاملا في أي يوم، و أنا أؤكد لكم ذلك، فأينما يسكن الشيطان ... تختفي الكتب وترتفع الشموع، وتختفي الكتب المقدسة ويؤتى بالمسابح . ليختفِ نور الانجيل وليؤتَ بانوار الشموع حتى في وضح النهار وفي وقت الظهيرة، ليختفِ صليب المسيح ولينتشر ابتزاز الأموال عن طريق ضلالة المطهر ... لا لزوم لكس اء العراة والفقراء والعاجزين وليهتم الناس بزخرفة التماثيل وتزيين أوثان الخشب والحجر، لترتفع تقاليد الناس ووصاياهم ولتسقط تقاليد الله وكلمته المقدسة ... يا ليت أساقفتنا يجتهدون في زرع بذار التعاليم الصالحة بقدر ما يجتهد الشيطان في زرع الزوان“ (٢٢٦).GC 278.1

ان المب دأ الجليل الذي حفظه هؤلاء المصلحون، والذي تمسك به واعتنقه الولدنسيون وويكلف وجون هس ولوثر وزوينجلي وكل من اتحدوا معهم، كان هو المرجع المعصوم في الكتب المقدسة والقانون الوحيد للايمان والاعمال . وقد أنكروا على البابوات والمجامع والآباء والملوك الحق في التحكم في ضمائر الناس في الشؤون الدينية . كان الكتاب المقدس هو مرجعهم ومستندهم، وفي نور تعاليمه امتحنوا كل التعاليم والادعاءات . وقد سند الايمان بالله وبكلمته هؤلاء الناس عندما أسلموا حياتهم للموت حرقا بالنار . وصاح لاتيمر يقول لشهيد زميل له عندما كانت لهب النار تلت هم جسميهما وتوشك أن تسكت صوتهما: ”ثق وافرح فاننا اليوم سنشعل بنعمة الله في انجلترا شمعة لن تنطفئ كما أنا واثق“ (٢٢٧).GC 278.2

وفي اسكوتلانده لم يتلاش بالتمام بذار الحق الذي زرعه كولومبا ومعاونوه . فلمدى مئات السنين بعدما خضعت كنائس انجلترا لروما ظلت كنائس اسكوتلانده محتفظة بحريته ا. ومع ذلك ففي القرن الثاني عشر ثبتت البابوية قدمها في اسكوتلانده، ولم تكن لها السيادة التامة في مملكة أخرى كما كانت الحال في اسكوتلانده، ولم تكن الظلمة في أشد حالات حلوكها كما كانت في تلك البلاد . ومع هذا فقد جاءت بعض أشعة النور حيث كان الظلام على أشده لتشق كبد غياهب الظلمة وتبشر بقدوم نور النهار الباهر . ان جماعة اللولارديين القادمين من انجلترا بالتوراة وتعاليم ويكلف أعانوا كثيرا في حفظ معرفة الانجيل، وكان لكل عصر شهوده وشهداؤه.GC 279.1

وعند بدء الاصلاح العظيم جيء بكتب لوثر، ثم بكتاب العهد الجد يد الذي ترجمه تندل الى الانجليزية، ومن دون أن تلاحظ السلطة الكهنوتية عبرت هذه الرسائل الجبال والوديان بسكون فأوقدت مشعل الحق من جديد وزادته نورا على نوره بعدما كاد يخبو في اسكوتلانده، وهكذا خرّبت عمل روما الذي ظلت تقيمه لمدة أربعة قرون من الظلام والاضطهاد.GC 279.2