روجر وليمز

بعد مرور احدى عشرة سنة على تأسيس المستعمرة الاولى أبحر روجر وليمز الى العالم الجديد . وهو كغ يره من النزلاء الاولين أتى لينعم بالحرية الدينية؛ ولكنّه على خلافهم، رأى — ما لم يره غير القليلين من معاصريه — أن هذه الحرية هي حق كل فرد لا ينازعه فيه منازع، مهما تكن عقيدته . لقد كان باحثا مجدا في طلب الحق، وكان مثل روبنسون يعتقد باست حالة أن يكون كل النور المستقى من كلمة الله قد حصل عليه الناس بعد . كان وليمز ”أول شخص في العالم المسيحي الحديث يؤسس حكومة مدنية على أساس عقيدة حرية الضمير وتساوي الآراء أمام القانون“ (٢٦٥). وقد أعلن أنه يجب على الحاكم أن يردع الجريمة، ولكن ينبغي له الا يتسلط على ضمائر الناس . وقال: ”يستطيع الجمهور أو الحكام أن يقرروا ما يجب على الانسان نحو أخيه الانسان، ولكن عندما يحاولون أن يأمروا انسانا بالقيام بالواجب نحو الله فانهم يكونون في غير وضعهم ولا يمكن أن يكون هنالك أمان، لانه واضح أنه اذا كان للحاكم سلطان فانه قد يقرر بعض الآراء أو المعتقدات اليوم، ويصدر نوعا آخر غدا، كما قد فعل كثيرون من ملوك وملكات انجلترا على اختلاف عقائدهم، وكما فعل كثيرون من الباباوات والمجامع في كنيسة روما، بحيث يصير الاعتقاد كومة كبيرة من الارتباكات“ (٢٦٦).GC 328.1

لقد أُمِر الناسُ بالحضور الى الكنيسة المعترف بها، أما المتخلف فتفرض عليه غرامة أو يلقى في السجن. ”وقد استنكر وليمز هذا القانون. ان أرادأ مواد القانون الانجليزي هو ذاك الذي يرغم الناس على حضور الكنيسة الابروشية . لقد اعتبر ارغام الناس على الاشتراك في العبادة مع من يخالفونهم في العقيدة انتهاكا صريحا لحقوقهم الطبيعية . ودفع غير المتدينين وغير الراغبين الى العبادة العامة. بدا كأنه تشجيع على النفاق ... وأضاف قائلاً : ”يجب ألا يرغم أحد على العبادة وفر وضها بغير رض اه“ . واذ اندهش خصومه من آرائه صاحوا قائلين : ”ما هذا ! ألا يستحق الاجير أجرته؟“ فأجابهم قائلا : ”نعم، ولكن ممن استأجروه““ (٢٦٧).GC 328.2

كان روجر وليمز مكرما ومحبوبا كخادم أمين ورجل ذي مواهب نادرة واستقامة لا تنثني ومحبة حقيقية لعمل الخير، الا أن انكاره الثابت حق الحكام المدنيين في التسلط على الكنيسة ومطالبته بالحرية الدينية يستحيل التسامح فيهما. فقد قالوا ان تطبيق هذا التعليم الجديد ”كفيل بأن يهدم سلطة الدولة والحكومة في البلاد“ (٢٦٨) وقد حُكم عليه بالنفي بعيدا من المتسعمرات؛ وأخيرا، لكي ينجو من القبض عليه، أرغم على الهرب في وسط البرد وعواصف الشتاء الى الغابة المجهولة.GC 329.1

وقد قال: ”لمدى أربعة عشر أسبوعا قُذف بي في ذلك الفصل القارس البرد جدا، ولم أذق طعاما ولا استرحت في فراش، لكنّ الغربان كانت تعولني في البرية“، ولجأت الى شجرة مجوفة لاحتم ي فيها من البرد (٢٦٩). وهكذا ظل يواصل فراره المؤلم في وسط الثلوج والغابة غير المطروقة الى أن وجد لنفسه ملاذا بين قبيلة من الهنود الذين كسب ثقتهم ومحبتهم عندما كان يحاول أن يعلمهم حقائق الانجيل.GC 329.2

وبعد شهور قضاها في التنقل والتجوال اتجه أخيرا الى شواطئ خليج ناراجانسيت حيث وضع أسس أول ولاية في العصور الحديثة كانت، بأكمل معنى، تعترف بحق كل انسان في الحرية الدينية . وكان المبدأ الاساسي لمستعمرة روجر وليمز هو هذا: ”يجب أن تعطى لكل انسان الحرية في أن يعبد الله حسب نور ضميره“ (٢٧٠). وقد صارت مستعمرته الصغيرة التي هي رود آيلاند ملجأ للمضطهدين، وقد كبرت ونجحت الى أن صارت مبادئها الاساسية — الحرية المدنية والدينية — حجر زاوية الجمهورية الامريكية.GC 329.3