Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
الصراع العظيم - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    حقوق الضمير

    ”ان واضعي الدستو ر اعترفوا بالمبدا الابدي وهو أن علاقة الانسان بإلهه تسمو فوق كل تشريع بشري، وان حقوق ضميره لا ينازعه فيها أحد، بل هي وقف عليه . ولم تكن هنالك حاجة الى المحاجة لاثبات هذا الحق، فنحن نحس به في أعماقن ا. ان هذا هو الاحساس الذي في تحديه للشرائع البشرية قد أعان كثيرين من الشهداء وأسندهم وهم يقاسون العذابات وتلتهم النار أجسامهم . لقد أحسوا بأن واجبهم نحو الله أسمى من كل تشريع بشري، وأن الناس ينبغي ألا يستخدموا سلطة ما لارغام ضمائرهم. انه مبدأ غريزي في النفس لا يمكن أن يقتله شيء“ (٢٧١).GC 330.2

    وعندما انتشرت الاخبار الطيبة في كل ممالك أوروبا عن وجود أرض يمكن لكل انسان فيها أن يتمتع بثمار تعبه ويطيع اقتناعات ضميره تقاطر ألوف من الناس قاصدين شواطئ العالم الجديد . وزادت وتضاعفت المستعمرات بسرعة. ”ان مساشوستس، بموجب قانو ن خاص، رحَّبت ترحيبا كاملا وعلى النفقة العامة بالمسيحيين من كل دولة الذين يمكنهم أن يطيروا عبر الاطلانطي ”هروباً من الحروب أو المجاعات أو اضطهاد مضطهديهم“. وهكذا فان الهاربين والمدوسين بالاقدام صاروا، بموجب القانون، ضيوفا على الجمهورية“ (٢٧٢). وفي خلا ل عشرين سنة منذ وطئ الناس أرض بليموث أول مرة استقر ألوف الحجاج في نيو انجلند.GC 330.3

    ولكي يضمنوا بلوغ الغرض الذي طلبوه ”قنعوا بربح معاش قليل بالركون الى حياة الاقتصاد والكد . ولم يطلبوا من الأرض شيئا غير التعويض المعقول عن كدهم وتعبهم . ولم يروا رؤىا ذهبية تلقي ه الة خادعة على طريقهم ... بل قنعوا بالتقدم البطيء الثابت لنظامهم الاجتماعي . وبكل صبر تحملوا عوز البرية وهم يروون شجرة الحرية بدموعهم وعرق جباههم حتى تأصلت في البلاد“.GC 331.1

    ولقد اعتبر الكتاب المقدس أساس الايمان والعقيدة ونبع الحكمة وميثاق الحرية. وكانت مبادئه تعلم في البيت والمدرسة والكنيسة بكل اجتهاد، وظهرت ثماره في حسن التدبير والذكاء والطهارة والاعتدال . وربما كان الواحد يسكن في مستعمرة بيوريتانية عدة سنين ”من دون أن يرى سكيرا أو يسمع انسانا يحلف أو يلاقي متسولا“ (٢٧٣). وقد تبرهن أن مبادئ الكتاب المقدس هي أضمن حارس لضمان العظمة القومية . ونمت المستعمرات الضعيفة المنعزلة فصارت اتحادا لولايات قوية، ولاحظ العالم بدهشة سلامَ ”كنيسة لا يحكمها بابا، ودولة لا يحكمها ملك“ ونجاحهما.GC 331.2

    لكنّ سيلا متدفقا غير منقطع من الناس اجتُذبوا الى شواطئ امريكا مدفوعين بدوافع تختلف عن تلك التي كانت للنزلاء الاولين . فمع أن الايمان البدائي الفطري والطهارة بذلا مجهودا واسع النطاق وقوة لصوغ الناس فان ذلك التأثير جعل يتضاءل شيئا فشيئا بنسبة كثرة الوافدين طلبا للمنفعة المادية.GC 331.3

    ان اللائحة التي وضعها المستعمرون الاولون والتي بموجبها كان يسمح لاعضاء الكنائس وحدهم أن يصوتوا أو يحصلوا على مناصب في الحكومة المدنية أدت الى أوخم النتائج الوبيلة . لقد قبل هذا الاجراء بمثابة وسيلة من وسائل طهارة الدولة، ولكن كان من نتائجه تفشي الفساد في الكنيسة . فكون الاعتراف بالديانة شرط التصويت و التوظف جعل كثيرين ممن تدفعهم البواعث والسياسة الدنيوية وحدها ينضمون الى الكنيسة من دون أن تتغير قلوبهم . وهكذا تكونت الكنائس الى حد كبير من أشخاص غير متجددين. وحتى في دائرة الخدمة وُجد بعضٌ ممن كانوا يجهلون قوة الروح القدس ا لمجددة، فضلا عن الاخطاء التي كانوا يتمسكون بها في العقيدة . وهكذا ظهرت أيضا النتائج الشريرة التي كانت تشاهد في تاريخ الكنيسة منذ أيام قسطنطين الى يومنا هذا، وهي محاولة بناء الكنيسة بمساعدة الدولة، والالتجاء الى السلطة الزمنية لمعاضدة انجيل ذاك الذي قد أعلن قائلا: ”مملكتي ليست من هذا العالم“ (يوحنا ١٨ : ٣٦). ان اندماج الكنيسة في الدولة ولو بقدر طفيف جدا، مع أنه يبدو وكأنه يقرب العالم من الكنيسة فانه في الحقيقة يقرب الكنيسة من العالم.GC 331.4

    ان المبد أ الذي دافع عنه روبنسون وروجر وليمز بكل شجاعة والقائل بأن الحق متدرج وبان المسيحيين ينبغي لهم أن يكونوا مستعدين لقبول النور الذي يشرق عليهم من كلمة الله المقدسة، هذا المبدأ العظيم غاب عن عقول نسلهم ا. فالكنائس البروتستانتية في امريكا — وكنائس أوروبا أيضا — التي نالت حظوة التمتع العظيمة ببركات الاصلاح أخفقت في التقدم الى الامام في طريق الاصلاح . ومع أن جماعة قليلة من الامناء قاموا بين وقت وآخر ليعلنوا الحق الجديد ويكشفوا عن الاخطاء التي اعتنقها الناس طويلا، فان السواد الاعظم من الناس، كاليهود في أيام المسيح والبابويين في عهد لوثر، اكتفوا بالايمان بما قد آمن به آباؤهم والعيشة كما عاشو ا. ولذلك عادت الديانة فانحطت حتى صارت مجموعة من الرسميات والطقوس . والضلالات والخرافات التي كان يمكن طرحها جانبا لو ظلت الكنيسة سائرة في نور كلمة الله أبقي عليها واعتنقها الناس. وهكذا خمدت تدريجا الروح التي ألهمها الاصلاح للناس، الى حد أن كانت هنالك حاجة ماسة الى اجراء اصلاح في الكنيسة البروتستانتية كما في الكنيسة الكاثوليكية في أيام لوثر . فقد كانت هنالك محبة العالم والخمول والركود الروحي وتوقير آراء الناس والاستعاضة عن تعاليم كلمة الله بنظريات البشر.GC 332.1

    ان انتشار الكتاب المقدس الواسع النطاق في اوائل القرن التاسع عشر، والنور العظيم الذي أشرق منه على العالم، لم يتبعهما تقدم مماثل في معرفة الحق المعلن أو تدين اختباري صحيح . فالشيطان لم يستطع حينئذ أن يباعد بين الكلمة الالهية وشعب الله كما في العصور السالفة، إذ كانت في متناول أيدي الجميع، لكنه لكي يتمم أغراضه جعل كثيرين يبخسون كلمة الله حقها ويستخفون به ا. وقد أهمل الناس تفت يش الكتب، وهكذا ظلوا يقبلون تفسيرات كاذبة ويعتنقون عقائد لا أساس لها في الكتاب.GC 333.1

    واذ تحقق الشيطان من فشل محاولاته في سحق الحق والقضاء عليه بواسطة الاضطهاد لجأ الى حيلة التواطؤ التي آلت الى الارتداد العظيم وتشكيل كنيسة روم ا. وقد أغوى المس يحيين على أن يتحالفوا لا مع الوثنيين الآن بل مع الذين لشدة تعلقهم بأمور هذا العالم برهنوا على أنهم وثنيون كما كان عابدو التماثيل المنحوتة . ولم تكن نتائج تلك الاحلاف أقل خطرا مما كانت في العصور القديمة . وقد ترعرت الكبرياء والاسراف تحت ستار الدين ففسدت الكنائس . وظل الشيطان يفسد ويحرِّف تعاليم الكتاب . والتقاليد التي كانت ستدمر حياة الملايين رسَّخت أصوله ا. وقد كانت الكنيسة تسند هذه التقاليد وتدافع عنها بدلا من أن تجاهد وتدافع عن ”الايمان المسلَّم مرة للقديسين“. وهكذا انحطت الم بادئ التي في سبيلها عمل المصلحون وتألموا كثيرا.GC 333.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents