أخبار مفرحة

لقد رأت ملائك السماء المجد الذي كان لابن الله عند أبيه قبل كون العالم، فباهتمام عظيم تشوَّفوا الى ظهوره على الارض كحادث يسبب أعظم فرح لجميع الشعب . وقد تعيَّن على الملائكة أن يحملوا البشرى للذين كانوا متأهبين لقبولها والذين كا نوا بكل فرح سيذيعونها على كل ساكني الارض . لقد تنازل المسيح فاتخذ لنفسه طبيعة الانسان، وكان عليه ان يحمل عبئا ثقيلا من الويل والألم اذ كان عليه أن يجعل نفسه ذبيحة اثم، ومع ذلك فقد كان الملائكة يتوقون الى أن يبدو ابن العلي في عظمة ومجد يليقان بصفاته حتى وهو في حالة الاتضاع . فهل سيجتمع عظماء الارض في عاصمة اسرائيل ليحيوه عند مجيئه ؟ وهل ستقدمه جيوش الملائكة الى الجموع التي تنتظره ؟GC 348.3

ان ملاكا ينزل الى الارض ليرى من هم المتأهبون للترحيب بيسوع . ولكنه يكاد لا يرى علامة من علامات الانتظار، ولا يسمع صوت التسبيح والانتصار لكون وقت مجيء مسيا على الابواب . ها الملاك يطير بعض الوقت فوق المدينة المختارة والهيكل الذي كان يُعلَن فيه الحضور الالهي أجيالا طويلة، ولكن حتى في هذا المكان يُرى عدم الا كتراث نفسه . ان الكهنة في فخامتهم وكبريائهم يقدِّمون ذبائح عائبة في الهيكل . والفريسيون يخاطبون الشعب بأصواتهم العالية أو يتفاخرون بتقديم صلواتهم في زوايا الشوارع وفي قصور الملوك وفي مجتمعات الفلاسفة وندواتهم وفي مدارس معلمي الن اموس، الجميع عديمو الاكتراث ولا يلقون بالا الى الحقيقة العجيبة التي قد ملأت السماء فرحا وتسبيحا، وهي أن فادي البشر منتظَر ظهورُه على الارض.GC 349.1

لا برهان على أن الناس ينتظرون المسيح ولا استعدادات لقدوم رئيس الحياة. والرسول السماوي في ذهوله م وشك أن يعود الى السماء ومعه ذلك الخبر المخجل، واذا به يكتشف جماعة من الرعاة الذين يحرسون قطعانهم في الليل،واذ يشخصون الى السماء التي زانتها النجوم يتأملون في النبوة الواردة عن مسيا الآتي الى الارض ويتوقون لمجيء فادي العالم . هنا جماعة متأهبة لقبول رسالة السماء . وفجأة يظهر ملاك الرب معلنا بشارة الفرح العظيم . وها المجد السماوي يغمر ذلك السهل كله، ويظهر جمع غفير من الملائكة، وكأنما الفرح عظيم جدا بحيث لا يستطيع رسول واحد أن يعلنه من السماء، واذا باصوات كثيرة عذبة تتغنى بانشودة السماء التي ستتغنى بها فيم ا بعد أمم الأرض جميعا قائلا: ”المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة“ (لوقا ٢: ١٤).GC 349.2

ما أعظم قصة بيت لحم هذه من درس عجيب لنا ! وكم توبخ عدم ايماننا وكبرياءنا واكتفاءنا بذواتنا ! وكم تنذرنا بأن نحترس لنفوسنا لئلا بلا مبالاتنا المجرمة نخيب نحن أيضا فلا نميِّز علامات الازمنة، ولذلك لا نعرف زمان افتقادنا!GC 350.1

لم يجد الملاك مترقبي مجيء مسيا على جبال اليهودية وحدها وبين الرعاة المنفردين وحدهم . ففي بلاد الامم أيضا كان يوجد جماعة انتظروه. كانوا رجالا من حكماء بلاد المشرق واغنيائها ونبلائها وف لاسفتها. فاذ كان أولئك المجوس يتلقون العلم على يدي الطبيعة فقد رأوا الله في خلائقه ومصنوعاته. وكانوا قد علموا من كتب العهد القديم شيئا عن الكوكب الذي يبرز من يعقوب، وبشوق ولهفة انتظروا مجيئه، وهو الذي لن يكون ”تعزية اسرائيل“ فحسب بل نورا ينير الامم و ”خلاصا الى أقصى الارض“ (لوقا ٢ : ٢٥ و ٣٢ ؛ اعمال ١٣ : ٣٧). لقد كانوا باحثين عن النور، فأنار لاقدامهم الطريق نور آت من عرش الله . ان كهنة اورشليم ومعلموها الذين عُيِّنوا ليكونوا حراسا على الحق ومفسرين له، اذ كانوا مكتنفين بالظلام، فان النجم الذي أرسلته السماء أرشد هؤلاء الامم الغرباء الى مكان ميلاد الملك الوليد.GC 350.2