عادة التدخين

التبغ سم بطيء مخاتل ، ولكنه عظيم الضرر جدا. وأيا يكن الشكل الذي به يتعاطاه الإنسان فهو يؤثر في البنية، وهو أكثر ضررا لأن آثاره بطيئة، وفي الأول لا يكاد المدخن يحس بها. إنه يثير الأعصاب ثم يصيبها بالشلل. وهو يضعف المخ ويظلمه . وفي غالب الأحيان يؤثر في الأعصاب بكيفية أقوى مما تفعل المشروبات الروحية. وهو أكثر مكرا ودهاء، ومن الصعب محو آثاره من الجسم. وتعاطيه يثير في النفس تعطشا تعاطي المسكر، وفي حالات كثيرة يضع الأساس لعادة إدمان الخمر.KS 202.2

إن التدخين متعب ومكلف وقذر ومنجس لمن يستعمله وكريه للاخرين. وان من يتعاطونه یوجدون قی کل مکان . فيندر أن تمر بين جمع من الناس إلا وترى مدخنا ينفث نفسه المسمم في وجهك . إنه أمر مقبض وضار بالصحة أن يظل الإنسان في عربة سكة حديد، أو غرفة هواؤها محمل بأبخرة الخمر أو التبغ. ومع أن الناس يصرون على تعاطي هذه السموم بأنفسهم فأي حق لهم في تلويث الهواء الذي يجب أن يتنفسه الآخرون ؟KS 202.3

إن استعمال التبغ بين الأولاد والشباب يحدث أضرارا بالغة في خطورتها. ولابد أن تلك العادات الضارة بالصحة التي كانت متفشية في الأجيال الماضية تؤثر في صبية وشباب اليوم. كما أن العجز العقلي والضعف الجسماني واضطراب الأعصاب والاشتهاء أو التحرق غير الطبيعي، كل هذا يتوارثه الأبناء عن آبائهم . ونفس تلك الأعمال والعادات التي يعملها الأولاد بعد آبائهم تجعل النتائج الوبيلة تتكاثر وتزداد رسوخا ، ولهذه العلة يعزى بدرجة ليست قليلة الفساد الجسماني والعقلي والأدبي الذي بدأ يصير مبعث خوف عظيم وفزع شديد.KS 202.4

إن الصبيان يبدأون في التدخين في سن مبكرة جدا، والعادة التي تتكون هكذا عندما تكون لدى الجسم والعقل قابلية لتأثيراتها تقوض قوى الجسم و تبلد العقل وتفسد الأخلاق .KS 203.1

ولكن ما الذي يمكن عمله لنعلم الصبيان والشباب ونبصّرهم بشرور تلك العادة التي فيها يتمثلون والآباء والمعلمين وخدام الدين ؟ إن الأولاد الصغار الذين لم يخرجوا من دور الطفولة إلا منذ عهد قريب يمكن رؤيتهم وهم يدخنون سجائرهم . وإذا تكلم معهم أحد في هذا الشأن يقولون: «إن أبي يستعمل التبغ ويدخنه». وهم يشيرون إلى خادم الدين أو مدير مدرسة الأحد ويقولون: «إن هذا الرجل يدخن فأي ضرر يلحقني لو تشبهت به؟» وكثيرون من العاملين في جمعيات الاعتدال يدمنون التدخين. فأية قوة لدى مثل هؤلاء الناس لوقف تقدم إدمان هذه الأشياء ؟KS 203.2

إني أوجه كلامي إلى من يعترفون بأنهم يؤمنون بكلمة الله ويطيعونّها . هل يمكنكم كمسيحيين مدمنين عادة تشل عقولكم و تسلبكم قوتم أن تقدّروا الحقائق الأبدية تقديرا صائبا؟ وهل يمكنكم أن ترضوا عن سلبكم لله كل يوم الخدمة التي هي من حقه وسلب بني جنسكم الخدمة التي يمكنكم تقديمها لهم وقوة القدوة الحسنة؟KS 203.3

وهل فكرتم في مسؤوليتكم كوكلاء الله على الأموال التي بين أيديكم ؟ كم تنفقون علي التبغ من مال الرب ؟ احسب مقدار ما صرفته علي التبغ مدي حياتك . وما النسبة بين ما تنفقه على هذه الشهوة المدنسة وبين ما تقدمه لإسعاف المساكين ونشر الإنجيل ؟KS 203.4

لا يوجد إنسان بحاجة إلى التبغ، ولكن جموعا غفيرة من الناس يهلكون لحاجتهم إلى المال الذي يعتبر إنفاقه على التبغ أشر مما لو فقد . ألم تُسيء استعمال مال الرب ؟ ألست مذنبا بسلب الله وبني جنسك ؟ ألا تعلمون أنكم «لستم لأنفسكم. لأنكم قد اشتریتم بثمن فمجدوا الله في أجساد کم و فی ارواحکم التى هی الله» (۱ کورنثوس 19:6 و 20).KS 203.5