غذاء الطفل

إن أفضل غذاء للطفل هو ما تقدمه الطبيعة. فينبغي عدم حرمانه من هذا الغذاء من غير داع. إنها تكون قسوة عظيمة من الأم لو أنها تحاول التحرر من إرضاع طفلها متذرعة بحب الراحة أو مراعاة اللياقة أو سعيا وراء التمتعات .KS 238.1

والأم التي تسمح بأن يغتذي طفلها بلبن امرأة أخرى عليها أن تفكر جيدا في نتائج ذلك . إن المرضعة تعطى للطفل الرضيع من طبعها ومزاجها.KS 238.2

إن أهمية تربية الأولاد على عادات غذائية حسنة هي عظيمة جدا، ومهما بالغنا في ذلك فلا نغالي في تقديرها. فالصغار يحتاجون إلى أن يتعلموا حقيقة كونهم يأكلون ليعيشوا، ولا يعيشون ليأكلوا. والتربية تبدأ بالرضيع وهو على ذراعي أمه. ويجب تقديم الطعام للطفل في وجبات منتظمة فقط ، وكلما كبر الطفل قلت تلك الوجبات. وينبغي ألا نعطي له الحلوى أو طعام البالغين الذي لا يستطيع أن يهضمه. إن العناية والنظام في تغذية الأطفال فضلا عن كونهما يحسنان صحتهم وهكذا يجعلانهم هادئين وذوي طباع جميلة فإنهما يضعان أساس العادات التي ستكون بركة لهم في مقتبل العمر.KS 238.3

وإذ يخرج الأولاد من مرحلة الطفولة فيجب بذل عناية عظيمة في تهذيب أذواقهم وقابلياتهم. كثيرا ما يُسمح لهم بأكل ما يختارون وفي أي وقت يشاءون دون التفات إلى صحتهم. إن الجهود والأموال التي تنفق في غالب الأحيان على الأطعمة اللذيذة غير الصحية تقود الصغار إلى الاعتقاد أن أسمى مطلب في الحياة والذي يمنح الإنسان أعظم قدر من السعادة هو أن يُطلق العنان للنهم. وإن نتيجة هذه التربية ستكون الباطنة ثم يأتي في إثرها المرض الذي يعقبه عادة تجريع المريض العقاقير السامة.KS 238.4

على الوالدين أن يدربوا قابلية أولادهم، وينبغي ألا يسمحوا لهم بتناول الأطعمة الضارة بصحتهم. ولكن ونحن بصدد محاولة تنظيم الغذاء يجب أن نحترس من أن نخطئ في محاولة إرغام الأولاد على تناول طعام يعافونه، أو أن نجعلهم يأكلون أكثر مما يلزم . فللاولاد حقوق ، وعندهم اشياء مفضلة على غيرها، وعندما تكون هذه الأشياء المفضلة معقولة فينبغي احترام رغباتهم .KS 238.5

وينبغي مراعاة الانتظام في الأكل بكل حرص . فينبغي ألا يؤكل شيء بين الوجبات، لا حلوى ولا مكسرات ولا أي طعام من أي نوع. فعدم الانتظام في الأكل يدمر انتظام عمل أجهزة الهضم، الأمر الذي يضر بالصحة ويفسد انشراح النفس. وعندما يأتي الأولاد إلى المائدة فإنهم لا يستسيغون الطعام الصحي، لأن قابليتهم تشتاق إلى ما يضرهم .KS 239.1

إن الأمهات اللاتي يُجبن الأولاد إلى كل رغباتهم على حساب الصحة والمزاج المرح السعيد إنما يبذرن بذار الشر الذي سينمو ويؤتي ثماره. إن الانغماس أو الإفراط ينمو ويكبر مع الصغار إذ يكبرون فيضحون بقوتهم و نشاطهم العقلي والجسمي. والأمهات اللائي يعملن هذا العمل يحصدن ما قد زرعن بنفوس مرة. فهن يرين أولادهن يكبرون غير مؤهلين فكرا وخلقا للقيام بدور نبيل نافع في المجتمع أو في البيت ، في القوى الروحية والعقلية والبدنية تتألم بسبب الطعام غير الصحي. والضمير يفقد الوعي . وقابلية التأثر بالمؤثرات الصالحة تضعف .KS 239.2

وفي حين يجب تعليم الأولاد أن يتحكموا في شهوتهم للطعام ويأكلوا ما يوافق صحتهم فيجب أن نوضح لهم أنهم بذلك يحرمون أنفسهم مما هو ضار بهم فقط. إنهم يقلعون عن الأشياء الضارة في طلب ما هو أفضل. ثم ينبغي الحرص على جعل المائدة مغرية وجذابة وحافلة بالأطعمة التي أغدقها الله عليهم بكل سخاء. ليكن وقت تناول الطعام وقتا فرحا وسعيدا. فإذ نستمتع بهبات الله لنقدم الحمد والشكران للمعطي .KS 239.3