Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
الاباء والانبياء - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First

    الفصل الثلاثون—الخيمة وخدماتها

    أبلغ الرب أمره إلى موسى وهو معه في الجبل قائلا : “يصنعون لي مقدسا لأسكن في وسطهم ) (خروج 25 : 8) وأعطيت له التعليمات الكاملة لبناء الخيمة ، ولكن بني إسرائيل بارتدادهم أضاعوا حقهم في امتلاك بركة حضور الله . وأصبح متعذرا ، لفترة من الزمن ، أن يقام بينهم مقدس الله ، ولكن لما عادت السماء للرضا عنهم تقدم ذلك القائد العظيم لينفذ أمر الله .AA 299.1

    كان هنالك رجال مختارون حباهم الله خصيصا بالمهارة والحكمة لأجل بناء المسكن المقدس ، كما أن الله نفسه أعطى موسى مثالا للبناء ، وأعطاه التعليمات الخاصة بحجمه وشكله ، والمواد التي تستخدم في إقامته ، وكل الأثاث الذي سيحتويه . إن الأقداس المصنوعة بالأيدي كانت ( أشباه الحقيقية ) ( أمثلة الأشياء التي في السماوات ) (عبرانيين 9 : 24 ، 23) كانت مثالا مصغرا للمسكن السماوي ، حيث المسيح رئيس كهنتنا ، بعد ما قدم حياته ذبيحة كان يخدم لأجل الخاطئ . وقد قدم الله لموسى في الجبل منظرا للمقدس السماوي وأمره بأن يصنع كل شيء على حسب المثال الذي أعطي له . وسجل موسى جميع التعليمات بكل حرص ، وسلمها لقادة الشعب .AA 299.2

    وقد لزم لبناء المقدس استعدادات عظيمة وكثيرة الكلفة . وكانت هنالك حاجة إلى كمية كبيرة من المواد النفيسة الغالية الثمن ، ومع ذلك فالرب لم يقبل سوى التقدمات الاختيارية ، فردد موسى على مسامع الشعب أمر الرب فقال : ( من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتي ) (خروج 25 : 2) فكان التكريس لله وروح التضحية من أول مستلزمات إعداد مسكن العلي .AA 299.3

    استجاب كل الشعب لهذا النداء بنفس واحدة ( ثم جاء كل من أنهضه قلبه ، وكل من سمحته روحه . جاءوا بتقدمة الرب لعمل خيمة الاجتماع ولكل خدمتها وللثياب المقدسة . وجاء الرجال مع النساء ، كل سموح القلب ، جاء بخزائم وأقراط وخواتم وقلائد ، كل متاع من الذهب . وكل من قدم تقدمة ذهب للرب ) (خروج 35 : 21 ، 22) .AA 299.4

    “وكل من وجد عنده أسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى وجلود كباش محمرة وجلود تخس ، جاء بها . كل من قدم تقدمة فضة ونحاس جاء بتقدمة الرب . وكل من وجد عنده خشب سنط لصنعة ما من العمل جاء به.AA 300.1

    وكل النساء الحكيمات القلب غزلن بأيديهن وجئن من الغزل بالأسمانجوني والأرجوان والقرمز والبوص . وكل النساء أنهضتهن قلوبهن بالحكمة غزلن شعر المعزى .AA 300.2

    ( والرؤساء جاءوا بحجارة الجزع وحجارة الترصيع للرداء والصدرة ، وبالطيب والزيت للضوء ولهن المسحة وللبخور العطر ) (خروج 35 : 23 - 28) .AA 300.3

    وإذ كان العمل في بناء المقدس يتقدم ظل الشعب — الكبار والصغار ، الرجال والنساء والأولاد يحضرون تقدماتهم ، حتى وجد القائمون بالعمل أن عندهم ما يكفي ويزيد عن حاجة العمل ، فأمر موسى أن ينفذوا صوتا في المحلة قائلين : ( لا يصنع رجل أو امرأة عملا أيضا لتقدمة المقدس . فامتنع الشعب عن الجلب ) (خروج 36 : 6) إن تذمرات الإسرائيليين وافتقاد الرب إياهم بالتأديبات بسبب خطاياهم ، كل ذلك سجل ليكون إنذار للأجيال القادمة . ومن الناحية الأخرى فإن تكريسهم وغيرتهم وسخاءهم هي مثال يستحق أن نحتذيه . إن كل من يحبون عبادة الله ويقدرون بركة حضوره المقدس سيظهرون نفس روح التضحية في إعداد بيت فيه يلتقي بهم . وسيشتاقون إلى إحضار تقدمة للرب من أفضل ما يملكون . إن البيت الذي يبنى لله ينبغي ألا يظل مثقلا بالديون لأن ذلك يجلب على اسم الرب العار . فيجب أن يقدم المال الكافي لإتمام ذلك العمل ، ويقدم بكل سخاء حتى يمكن أن يقول الفعلة ما قاله أولئك الذين بنوا الخيمة : ( لا تحضروا تقدمات أيضاً ) .AA 300.4

    لقد بنيت الخيمة بكيفية تجعل فك أجزائها وحملها مع الإسرائيليين في كل رحلاتهم أمرا ميسورا ، ولذلك كانت صغيرة بحيث لا يزيد طولها عن خمس وخمسين قدما طولا وثماني عشرة قدما عرضا وارتفاعا ، ومع ذلك فقد كانت مسكنا فخما . فالخشب المستعمل في البناء وأثاثاته كان من خشب السنط الذي كان أقل تعرضا للتلف من كل أنواع الخشب الأخرى التي كان يمكن الحصول عليها في سيناء . وكانت الجدران مكونة من ألواح مستقيمة توضع في قواعد من فضة وتتصل بعضها ببعض بأعمدة وعوارض ، وكانت كلها مغشاة بذهب ، معطية للمسكن منظر الذهب المجسم ، وكان السقف مكونا من أربعة أنواع من الستائر ، وكانت أقصاها من الداخل مصنوعة من ( بوص مبروم وأسمانجوني وأرجوان وقرمز . بكروبيم صنعة حائك حاذق ) (خروج 26 : 1) وكانت الثلاث الأخرى مصنوعة بالترتيب من شعر معزى وجلود كباش محمرة وجلود تخس ، وكانت كلها منظمة بحيث تعطى وقاية كاملة .AA 300.5

    وقد جعل المسكن قسمين يفصل بينهما ستارة ثمينة وجميلة أو حجاب معلق من أعمدة مغشاة بذهب ، وكان هناك حجاب أخر مشابه للأول على باب الحجرة الأولى ، وهذان كالغطاء الداخلي الذي تكون منه السقف كانت ألوانهما غاية في الروعة والجمال من أسمانجوني وأرجوان مرتبة ترتيبا جميلا ، بينما نسج كروبيم من خيوط الذهب والفضة ليمثل الملائكة السماويين المتصلين بعمل المقدس السماوي والذين هم أرواح خادمة لشعب الله على الأرض .AA 301.1

    وكانت تحيط بالخيمة المقدسة أرض فضاء تسمى الدار التي كانت محاطة بستائر أو سجف من بوص معلقة بأعمدة من نحاس ، وكان مدخل هذه الدار من الناحية الشرقية مدلاة عليه ستائر مصنوعة من مادة غالية القيمة مصنوعة صنعة جميلة ، وإن تكن أقل من ستائر المقدس . وحيث أن أستار الدار كانت نصف طول جدران الخيمة فقد كان البناء مكشوفا للشعب من الخارج . وفي الدار قريبا من مدخلها أقيم مذبح النحاس للمحرقات ، وعلى هذا المذبح كانت كل الذبائح المقدمة لله تحرق بالنار ، وكان الدم المكفر يرش على قرونه . وبين المذبح وباب الخيمة كانت المرحضة التي كانت هي أيضا من نحاس مصنوعة من المرايا التي قدمتها نساء إسرائيل طوعا واختيارا . وكان الكهنة كلما دخلوا إلى القدس أو تقدموا إلى المذبح لتقديم محرقة للرب ، يغسلون أيديهم وأرجلهم في المرحضة .AA 301.2

    وفي الحجرة الأولى أو القدس كانت مائدة خبز الوجوه والمنارة ومذبح البخور ، وكانت مائدة خبز الوجوه في الناحية الشمالية ، وكان لها إكليل للزينة وكانت مغشاة بذهب نقي . وكان الكهنة في كل سبت يضعون على هذه المائدة اثني عشر رغيفا في صفين ، ويرشون عليها اللبان . فمتى رفعت الخبزات ، وكانت تعتبر مقدسة ، كان يأكلها الكهنة ، وإلي الجنوب كانت المنارة ذات السبع الشعب والسبعة السرج . وكانت شعبها مزدانة بزهر بديع كالسوسن ، وكانت المنارة مصنوعة كلها من كتلة من الذهب الخالص ، وإذ لم تكن في الخيمة نوافذ فلم تطفأ المصابيح كلها مرة واحدة بل كانت تضئ نهارا وليلا . وأمام الحجاب الذي يفصل بين القدس وقدس الأقداس حيث محضر الله المباشر أقيم مذبح البخور الذهبي . وعلى هذا المذبح كان على الكاهن أن يحرق البخور صباحا ومساءا . وكانت قرونه تلمس بدم ذبيحة الخطية ، ويرش عليه الدم في يوم الكفارة العظيم . والنار التي على هذا المذبح أوقدها الله بنفسه وعززت مقدسة ، وكان البخور العطر يرتفع ليعطر حجرات الخيمة وخارجها لمسافة بعيدة ليلا ونهارا .AA 301.3

    وخلف الحجاب الداخلي كان قدس الأقداس حيث كانت تتركز الخدمة الرمزية ، خدمة الكفارة والشفاعة ، والتي كانت حلقة الاتصال بين السماء والأرض ، في هذه الحجرة كان التابوت ، وهو صندوق من خشب السنط مغشي من الداخل ومن الخارج بذهب ،وفي أعلاه إكليل من ذهب ، وقد صنع ليوضع فيه لوحا الحجر اللذان كتب الله عليهما بنفسه الوصايا العشر ، ولهذا فقد سمي تابوت عهد الله أو تابوت العهد ، حيث أن الوصايا العشر كانت هي أساس العهد بين الله وإسرائيل .AA 302.1

    وكان غطاء التابوت يدعى “غطاء الرحمة( ، وهذا كان مصنوعا من قطعة واحدة من الذهب وكان عليه كروبان من الذهب وكل منهما واقف على أحد جانبي التابوت . وكان أحد جناحي الملاك منبسطا إلى أعلى ، أما الجناح الثاني فكان يغطي جسم الملاك (حزقيال 1 : 11) علامة الوقار والوداعة . هذا وإن موقف الكروبين ووجه كل منهما تجاه الآخر وهما ينظران إلى أسفل بوقار إلى التابوت كان يرمز إلى الوقار الذي يكنه الجند السماويون لشريعة الله واهتمامهم بتدبر الفداء .AA 302.2

    وفوق الغطاء كان )الشكينا) ، مظهر الحضور الإلهي ، ومن بين الكروبين كان الله يعلن مشيئته . وأحيانا كانت الرسائل الإلهية تبلغ إلى رئيس الكهنة بصوت يسمعه من السحابة . وفي أحيان أخرى كان ينزل نور على الملاك الواقف عن يمين التابوت للدلالة على رضى الله أو قبوله ، أو تستقر ظلمة على الملاك الواقف على اليسار لإعلان استنكاره أو رفضه .AA 302.3

    أن شريعة الله المحفوظة في التابوت كانت هي القانون العظيم للبر و العدل ، وقد حكمت تلك الشريعة بالموت على كل متعد ، ولكن فوق الشريعة كان الغطاء الذي كان يعلن عليه حضور الله ، ولكنه كان يمنح الغفران للخاطئ التائب بفاعلية الكفارة ، وهكذا ففي عمل المسيح لفدائنا المرموز إليه بخدمة المقدس )الرحمة والحق التقيا ، البر والسلام تلاثما ) (مزمور 85 : 10) .AA 302.4

    ليس من لغة تقدر على وصف المجد الظاهر في المقدس — مجد الجدران المغشاة بذهب التي تعكس نور المنارة الذهبية ، والألوان المتألقة ، ألوان السجف المطرزة المرسوم عليها صور الملائكة المتألقين ضياء ، والمائدة ومذبح البخور المتلألئ بالذهب ، وخلف الحجاب الثاني التابوت المقدس ، وعليه الكروبان السماويان ، ومن فوقه )الشكينا) المقدس وهو المظهر المرئي لحضور الرب ، وكل هذا انعكاس ضئيل لأمجاد هيكل الله في السماء الذي هو مركز عمل الله لفداء الإنسان .AA 303.1

    وقد استغرق بناء الخيمة ما يقرب من نصف سنة . فكلما كملت فحص موسى كل عمل البنائين مقارنا بينه وبين المثال الذي أظهر له في الجبل والتعليمات التي كان قد تلقاها من الله “وإذ هم قد صنعوه كما أمر الرب . هكذا صنعوا . فباركهم موسى ) (خروج 39 : 43) وباهتمام وشوق تجمعت جماهير إسرائيل لينظروا ذلك البناء المقدس ، وفيما كانوا يتأملون في ذلك المنظر برضى ووقار حام عمود السحاب فوق الخيمة ثم نزل وغطاها ( وملأ الرب المسكن ) لقد أعلن جلال الله ، وحتى موسى نفسه لم يستطع دخول المسكن بعض الوقت . وبتأثر عميق رأى الشعب الدليل على أن الرب قد قبل عمل أيديهم . لم يهتفوا هتاف الفرح لأن هيبة مقدسة شملت الجميع ، ولكن فرح قلوبهم ظهر في عيونهم التي اغرورقت بدموع الفرح ، وجعلوا يتمتمون بصوت منخفض بعبارات الشكر الحار لكون الله قد تنازل بالسكنى وسطهم .AA 303.2

    وبناء على تعليمات إلهية أفرز سبط لاوي لخدمة المسكن . في العصور القديمة كان لكل رجل كاهنا في بيته . وفي أيام إبراهيم كان الكهنوت كحق الإرث بالولادة معتبرا من حق الابن الأكبر ، أما الآن فبدلا من كل أبكار إسرائيل قبل الرب سبط لاوي المسكن . بهذا الإكرام الفريد أعلن الله استحسانه لولائهم في تمسكهم بخدمته وفي تنفي أحكامه حين ارتد شعب إسرائيل عن الله وسجدوا لعجل الذهب . ومع ذلك فقد انحصر الكهنوت في عائلة هارون ، فلم يسمح لغير هارون وأولاده في الخدمة أمام الرب ، أما باقي رجال السبط فقد وكل إليهم أمر حراسة الخيمة وأثاثها ، وكان عليهم أن يلازموا الكهنة في خدماتهم ، ولكن لم يكن مسموحا لهم بتقديم الذبائح ولا بإحراق البخور ولا رؤية الأقداس إلا بعد تغطيتها .AA 303.3

    وطبقا لوظيفة الكهنة عينت لهم ملابس خاصة ( واصنع ثيابا مقدسة لهارون أخيك للمجد والبهاء ) (خروج 28 : 2) هذا ما أمر به الرب موسى . وقد كان ثوب الكاهن المادي من كتان أبيض مطرزة بأسمانجوني وأرجوان وأحمر . وهنالك عمامة من كتان أو إكليل كانت تكمل الزي الخارجي . لما كان موسى ماثلا أمام العليقة المشتعلة بالنار أمره الله بأن يخلع نعليه لان الأرض التي كان واقفا عليها مقدسة ، وكذلك لم يكن يسمح للكهنة بدخول المسكن وأحذيتهم في أرجلهم . إن ذرات الغبار اللاصق بها كانت تنجس المكان المقدس . كان عليهم أن يتركوا أحذيتهم في الدار خارجا قبل دخول المسكن ، وأيضا لكي يغسلوا أيديهم وأرجلهم قبل قيامهم بالخدمة في الخيمة أو أمام مذبح المحرقة . وهكذا تعلموا دائما هذا الدرس وهو أن تطرح كل نجاسة عن كل من يقتربون من محضر الله . AA 305.1

    أما ملابس رئيس الكهنة فكانت من الأقمشة الغالية الثمن وكانت تصنع صناعة جميلة تتناسب ومكانته السامية . فعلاوة على ثوب الكتان الذي كان يلبسه الكاهن العادي كان رئيس الكهنة يلبس رداء من أسمانجوني منسوجا قطعة واحدة أيضا . وحول جبة الرداء على أذيالها كانت توضع جلاجل من ذهب ورمان من أسمانجوني وأرجوان وقرمز . وفوق الجبة كان قميص الكاهن وهو ثوب قصير من الذهب والأسمانجوني والأرجوان والقرمز والأبيض . وكان يربط بزنار من الألوان نفسها مصنوعا صنعة جميلة . ولم يكن للقميص أكمام ، وعلى جزئي الكتفين المطرزين بالذهب وضع حجران من أحجار الجزع يحملان أسماء أسباط إسرائيل الإثني عشر .AA 305.2

    وفوق القميص أو الأفود كانت توضع الصدرة وهي أقدس ما في الحلة الكهنوتية . وكانت هذه تصنع من المادة نفسها المصنوع منها الأفود . وهي مربعة الشكل طولها شبر كعرضها . وتعلق من الكتفين بخيط من أسمانجوني بحلقات من ذهب . وكانت الحاشية مكونة من مجموعة من الأحجار الكريمة وهي نفس الأحجار التي تتكون منها أساسات مدينة الله المقدسة الإثنا عشر . وفي داخل الحاشية كان اثنا عشر حجرا مرصعة بالذهب مرتبة في أربعة صفوف ، وعلى مثال تلك التي على الكتفين كانت أسماء الأسباط منقوشة عليها . وقد أمر الرب قائلا : ( فيحمل هارون أسماء بني إسرائيل في صدره القضاء على قلبه عند دخوله إلى القدس للتذكار أمام الرب دائماً ) (خروج 28 : 29) وكذلك المسيح كاهننا الأعظم إذ يطلب باستحقاق دمه لدى الآب لأجل الخاطئ يحمل قلبه اسم كل نفس تائبة مؤمنة . يقول المرنم : ( أما أنا فمسكين وبائس . الرب يهتم بي ) (مزمور 40 : 17) .AA 305.3

    وعلى يمين الصدرة ويسارها كان حجران كريمان كبيران يتألقان بالنور الباهر ، وهما المعروفان باسم الأوريم والتميم . وبهما كانت تعرف إرادة الله بواسطة رئيس الكهنة . وحين كان يؤتى بقضية من القضايا أو أي مسألة من المسائل ليحكم فيها أمام الرب كانت ترى هالة من النور محيطة بالحجر الكريم الذي على اليمين وهذه كانت علامة رضى الله أو استحسانه ، بينما كانت سحابة تحجب نور الحجر الذي على اليسار علامة على رفض الله أو استنكاره .AA 306.1

    أما إكليل رئيس الكهنة فكان يتكون من العمامة الكتانية البيضاء ، ويتصل بها بشرط من أسمانجوني صحيفة من ذهب قد نقشت عليها هذه العبارة ( قدس الرب ) وكل ما كان يتعلق بلبس الكهنة أو سلوكهم كان الغرض منه أن يطبع على قلب الرائي الإحساس بقداسة الله وقداسة عبادته ، والطهارة الواجبة على من كانوا يدنون من حضرته .AA 306.2

    وعلاوة على المسكن فإن الكهنة كانوا ( يخدمون شبه السماويات ) (عبرانيين 8 : 5) وهذا كان أمرا غاية في الأهمية . والرب قدم بواسطة موسى تعليمات واضحة وقاطعة بخصوص كل جزء من أجزاء هذه الخدمة الرمزية . وكانت خدمة المسكن تتكون من نوعين ، خدمة يومية وأخرى سنوية . فالخدمة اليومية كانت تقام أمام مذبح المحرقة في دار الخيمة وفي القدس ، أما الخدمة السنوية فكانت تقام في قدس الأقداس .AA 306.3

    ولم يكن يسمح لعين بشرية ، ما عدا رئيس الكهنة ، أن تتطلع إلى ما في داخل الحجرة الداخلية في المسكن . وكان رئيس الكهنة يدخل إلى هناك مرة واحدة في السنة وذلك بعد الاستعداد المهيب بكل عناية وحرص . فكان يدخل أمام الله وهو مرتعد ، وكان الشعب ينتظرون عودته في صمت وقور ، ويرفعون قلوبهم في صلوات حارة إلى الله في طلب البركة . ورئيس الكهنة يكفر عن إسرائيل أمام الغطاء حيث كان الله يجتمع به في سحابةAA 306.4

    المجد . وكان بقاؤه في ذلك المكان أكثر من المعتاد يملأ الشعب خوفا خشية أن تكون خطاياهم أو خطاياه قد جعلت مجد الرب يقتله أو يصعقه .AA 307.1

    وكانت الخدمات اليومية تنحصر في محرقات الصباح ومحرقات المساء ، وإحراق البخور العطر على مذبح الذهب ، والذبائح الخاصة التي كان الأفراد يقدمونها عن خطاياهم . كما كانت هنالك تقدمات السبوت والأهلة والأعياد الخاصة .AA 307.2

    وفي كل صباح ومساء كان يحرق على المذبح خروف حولي ، ومعه قربان تقدمته المفروضة ، وكان ذلك رمزا إلى تكريس الأمة اليومي للرب واعتمادهم المستمر على دم المسيح المكفر . وقد أعلن الرب بكل صراحة أن كل قربان يقدم لخدمة المسكن ينبغي أن يكون صحيحا (خروج 12 : 5) . وكان على الكهنة أن يفحصوا كل الحيوانات التي يؤتى بها لتكون ذبائح ، وكان عليهم أن يرفضوا كل ذبيحة يكتشف فيها أي عيب . إنما القربان الذي يكون بلا عيب دون سواه هو الذي كان يعتبر رمزا للطهارة الكاملة لذلك الذي كان مزمعا أن يقدم نفسه مثل ( حمل بلا عيب ولا دنس ) (1 بطرس 1 : 19) إن الرسول بولس يشير إلى هذه الذبائح كصورة لما ينبغي أن يصير إليه أتباع المسيح ، فيقول : ( اطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله ، عبادتكم العقلية ) (رومية 12 : 1) علينا أن نكرس أنفسنا لخدمة الله ، وعلينا بالاجتهاد في أن نجعل ذبيحتنا مقبولة على قدر الإمكان . إن الله لا يسر بأقل من أفضل ما يمكننا تقديمه ، فأولئك الذين يحبونه من كل القلب سيتوقون إلى إعطائه أفضل خدمة في الحياة ، وسيجتهدون على الدوام في جعل كل قوى كيانهم على وفاق وانسجام مع الشرائع التي تجعلهم أقدر على عمل مشيئته .AA 307.3

    وفي تقديم البخور كان الكاهن أقرب إلى محضر الله منه في أي خدمة يومية أخرى . وحيث أن الحجاب الداخلي للمسكن لم يرتفع إلى أعلى البناء ، فإن مجد الله الذي كان يرى فوق الغطاء كان يرى جزئيا من الحجرة الأولى . فحين كان الكاهن يقدم البخور كان ينظر إلى ناحية التابوت وحين كانت سحابة البخور ترتفع كان مجد الله يستقر على الغطاء ويملأ قدس الأقداس ، وفي غالب الأحيان كان يملأ المسكن إلى حد يضطر الكاهن إلى أن يتقهقر إلى باب الخيمة . وكما في الخدمة الرمزية كان الكاهن ينظر بالإيمان إلى غطاء الرحمة الذي لم يكن يستطيع أن يراه ، هكذا على شعب الله الآن أن يتجهوا بصلواتهم إلى المسيح رئيس كهنتهم الأعظم الذي وإن لم ير بالعين البشرية فهو يتشفع فيهم في المقدس السماوي .AA 307.4

    إن البخور الصاعد من صلوات إسرائيل يرمز إلى استحقاقات المسيح وشفاعته ، وإلى بره الكامل الذي يحسب لشعبه بالإيمان والذي يستطيع وحده أن يجعل عبادة الخلائق الخاطئة مقبولة أمام الله . وأمام حجاب قدس الأقداس كان مذبح الشفاعة الدائمة أمام القدس ، مذبح الكفارة الدائمة ، إذ كان يمكن الاقتراب إلى الله بواسطة الدم والبخور ، وهما رمزان يشيران إلى الوسيط العظيم إلي يستطيع الخطاة عن طريقه أن يقتربوا إلى الرب ، والذي بواسطته دون سواه يمكن أن تمنح الرحمة والخلاص للنفس التائبة المؤمنة .AA 308.1

    وإذ كان الكهنة يدخلون القدس صباحا ومساء في وقت البخور كانت الذبيحة اليومية معدة لتقدم على المذبح في الدار الخارجية . وكان هذا وقت اهتمام شديد من جانب العابدين المجتمعين في الخيمة . فقبل الدخول إلى محضر الله بواسطة خدمة الكاهن كان عليهم أن يشغلوا أنفسهم في فحص قلوبهم بكل دقة والاعتراف بخطاياهم ، وكانوا يشتركون في صلاة صامتة ووجوههم متجهة صوب القدس ، فكانت صلواتهم تصعد من سحابة البخور ، بينما يتمسك إيمانهم باستحقاقات المخلص الموعود به والذي كانت الذبيحة الكفارية ترمز إليه . إن الساعات المخصصة لذبيحة الصباح وذبيحة المساء كانت تعتبر مقدسة ، واعتبرت مخصصة للعبادة من كل الأمة اليهودية . فلما تشتت الشعب بعد ذلك وسبوا إلى بلدان بعيدة ففي مثل تلك الساعة المحددة ظلوا يتجهون إلى أورشليم ويقدمون تضرعاتهم إلى الله ، إله إسرائيل . ويمكن أن يكون هذا مثالا صالحا للمسيحيين لممارسة الصلاة الصباحية والمسائية . ففي حين أن الله يدين مجرد ممارسة الطقوس الخالية من روح العبادة فإنه ينظر باغتباط عظيم إلى أولئك الذين يحبونه ويجثون أمامه صباحا ومساء في طلب غفران خطاياهم التي ارتكبوها والتماس البركات التي يحتاجونها .AA 308.2

    كان خبز الوجوه يحفظ دائما أمام الرب كتقدمة دائمة ، وبذلك كان يعتبر جزءا من الذبيحة اليومية ، وكان يسمى “خبز الوجوه( لأنه كان موضوعا أمام وجه الرب دائما ، وقد كان اعترافا من الإنسان باعتماده على الله لأجل الطعام الزمني والروحي ، وأنه يمكن الحصول عليه عن طريق وساطة المسيح دون سواها . لقد كان الله يطعم إسرائيل في البرية خبزا من السماء ، وكانوا لا يزالون معتمدين على سخائه لأجل الطعام الزمني والبركات الروحية . كان المن وخبز الوجوه كلاهما يشيران إلى المسيح ، الخبز الحي الذي هو أمام الله دائما لأجلنا ، وهو القائل : ( أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء ) (يوحنا 6 : 48 — 51) وكان اللبان يوضع على أرغفة الخبز ، وحين كان يرفع الخبز في كل سبت ليوضع في مكانه خبز جديد كان اللبان يحرق على المذبح تذكارا أمام الله .AA 308.3

    إن أهم أجزاء الخدمة اليومية كان هو الخدمة التي تقدم لأجل الأفراد . لقد كان الخاطئ التائب يقرب ذبيحته أمام باب خيمة الاجتماع ، وإذ يضع يده على رأس الذبيحة البريئة وكان يذبح الذبيحة بيده ، والكاهن يحمل دم الذبيحة بيده إلى القدس ويرشه أمام الحجاب الذي كان خلفه التابوت المحتوي الشريعة التي قد تعاداها الخاطئ . وبموجب هذا الطقس كانت الخطية تنتقل بكيفية رمزية إلى المقدس . وفي بعض الحالات لم يكن الدم يؤخذ إلى القدس ، بل كان على الكاهن أن يأكل لحم الذبيحة كما أمر الرب ابني هارون قائلا : ( قد أعطاكما إياها لتحملا إثم الجماعة ) (لاويين 10 : 17) وكلا الطقسين كانا يرمزان إلى نقل الخطية عن الخاطئ التائب إلى المقدس .AA 309.1

    هذا هو نوع العمل الذي كان يعمل يوما فيوما على مدار السنة . فإذا كانت خطايا إسرائيل تنتقل بهذه الكيفية إلى المقدس فقد صار المسكنان نجسين ، ولهذا كان الأمر يستلزم إجراء عمل خاص لإزالة تلك الخطايا ، ولذلك أمر الله بإجراء تفكير عن المسكنين ، كما للمذبح لكي ( يطهره ويقدسه من نجاسات بني إسرائيل ) (لاويين 16 : 19) .AA 309.2

    وكان الكاهن (رئيس الكهنة) يدخل إلى قدس الأقداس مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة العظيم لتطهير المسكن . والعمل الذي يجري هناك كان يكمل خدمات السنة .AA 309.3

    وفي يوم الكفارة كان يؤتى بتيسين من المعزى إلى باب خيمة الاجتماع وتلقى عليهما قرعتان ( قرعة للرب وقرعة لعزازيل ) فالتيس الذي تقع عليه القرعة الأولى كان يذبح ذبيحة خطية لأجل الشعب ، وكان الكاهن يأتي بدمه إلى داخل الحجاب ويرش من دمه على الغطاء ( فيكفر عن القدس من نجاسات بني إسرائيل ومن سيئاتهم مع كل خطاياهم . وهكذا يفعل لخيمة الاجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم ) (لاويين 16 : 16) .AA 309.4

    ( ويضع هارون يديه على رأس التيس الحي ويقر عليه بكل ذنوب بني إسرائيل ، وكل سيئاتهم مع كل مع كل خطاياهم ، ويجعلها على رأس التيس ، ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية ، ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم إلى أرض مقفرة ) (لاويين 16 : 21 ، 22) وما كان الشعب ليعتبروا أنهم قد تحرروا من أثقال الخطية التي يطلق التيس بعيدا عنهم . وقد كان على كل إنسان أن يتذلل في أثناء إجراء عمل الكفارة . كانوا يكفون عن ممارسة أعمالهم وكان على الجماعة كلها أن تقضي ذلك اليوم في تذلل مهيب أمام الله بالصلاة والصوم وفحص القلب فحصا عميقا .AA 310.1

    وكان الشعب يتعلمون حقائق هامة عن الكفارة بواسطة هذه الخدمة السنوية . ففي ذبائح الخطية التي كانت تقدم أثناء السنة كان يقبل بدليل عن الخاطئ ، ألا أن دم الذبيحة لم يكن يكفر تكفيرا شاملا عن الخطية ، ولكنه فقط أعد وسيلة بواسطتها تنقل الخطية إلى المقدس . وبتقديم الدم يعترف الخاطئ بسلطان الشريعة ويعترف بجرمه ومعصيته ويعبر عن إيمانه بذاك الذي سيرفع خطية العالم ، ألا أنه لم يتحرر تماما من دينونة الناموس . ففي يوم الكفارة إذ يقدم رئيس الكهنة ذبيحة عن الجماعة كان يدخل إلى قدس الأقداس بالدم ويرشه على الغطاء فوق لوحي الشريعة . وهكذا كانت تستكفي مطاليب الشريعة التي تطلب موت الخاطئ . وحينئذ كان الكاهن ، بوصفه وسيطا ، يحمل الخطايا على نفسه ، وإذ يترك الخيمة كان يحمل معه عبء ذنب إسرائيل . وعند باب الخيمة كان يضع يديه على رأس تيس عزازيل ، وكان يقر عليه ( بكل ذنوب بني إسرائيل ، وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ، ويجعلها على رأس التيس ) وبعدما يرسل التيس الحامل هذه الخطايا إلى مكان بعيد ، كانت تلك الخطايا تعتبر منفصلة معه إلى الأبد عن الشعب ، هكذا كانت هذه الخدمة تقام ( شبة السماويات وظلها ) (عبرانيين 8 : 5) .AA 310.2

    وكما ذكرنا سابقا نقول الآن أن موسى هو الذي بنى المقدس الأول على حسب المثال الذي أظهر له في الجبل . إنه ( رمز للوقت الحاضر ، الذي فيه تقدم قرابين وذبائح ( ، وكلا المسكنين المقدسين كانا ( أمثلة الأشياء التي في السماوات ( . والمسيح رئيس كهنتنا العظيم هو خادم ( للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان ( (عبرانيين 9 : 9 ، 23 ، 8 : 2) وقد أعطى الرسول يوحنا أن يرى هيكل الله في السماء في رؤيا ، فرأى ( أمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة ) ، كما رأى ملاكا ( معه مبخرة من ذهب ، وأعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذي أمام العرش ) (رؤيا 4 : 5 ، 8 : 3) فقد سمح لهذا النبي أن يرى هنا المسكن الأول في السماء فرأى ( سبعة مصابيح نار ) و ( مذبح الذهب ) مرموزا إليهما بالمنارة ومذبح البخور في المسكن الأرضي . ثم أيضا ( نفتح هيكل الله ) فأطل على ما في داخل الحجاب الداخلي في قدس الأقداس فرأى ( تابوت عهده ) (رؤيا 11 : 19) مرموزا إليه بالتابوت المقدس الذي صنعه موسى لتوضع فيه شريعة الله .AA 310.3

    وقد صنع موسى المقدس الأرضي ( على المثال الذي كان قد رآه (. وبولس يعلن أن &) المسكن أيضا وجميع آنية الخدمة( عندما أكملت كانت ( أمثلة الأشياء التي في السماوات ) (أعمال 7 : 44 ، عبرانيين 9 : 21 ، 23) ويوحنا يقول إنه قد رأى المقدس في السماء . فذلك المقدس الذي يخدم فيه المسيح لأجلنا هو الأصل العظيم الذي بناه موسى صورة عنه .AA 311.1

    إن الهيكل السماوي الذي هو مسكن ملك الملوك حيث ( ألوف ألوف تخدمه ، وربوات ربوات وقوف قدامه ) (دانيال 7 : 10) ذلك الهيكل المملوء بمجد العرش الأبدي ، حيث السرافيم الذين هم حراسه اللامعون يغطون وجوههم في وقار — لا يمكن أن أي بناء أرضي يشبه في اتساعه ومجده . إلا أن الحقائق الهامة الخاصة بالمقدس السماوي والعمل العظيم الذي يعمل فيه لأجل فداء الإنسان ، كان ينبغي للناس أن يتعلموها بواسطة المقدس الأرضي وخدماته .AA 311.2

    إن مخلصنا بعد صعوده كان عليه أن يبدأ عمله كرئيس كهنتنا . وبولس الرسول يقول : ( لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة ، بل إلى السماء عينها ، ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا ) (عبرانيين 9 : 24) و كما أن خدمة المسيح كانت تشتمل على قسمين عظيمين ، وكل منهما يستغرق إنجازه فترة من الزمن ، وله مكان خاص في المقدس السماوي ، كذلك كانت الخدمة الرمزية تنحصر في قسمين — الخدمة اليومية والخدمة السنوية ، وقد خصص لكل منهما مكان في الخيمة .AA 311.3

    وكما أن المسيح عند صعوده قد ظهر قدام وجه الله ليشفع في التائبين المؤمنين باستحقاق دمه ، كذلك كان الكاهن في الخدمة اليومية يرش دم الذبيحة في القدس لأجل الخاطئ .AA 312.1

    إن دم المسيح بينما كان يحرر الخاطئ التائب من دينونة الناموس لم يكن ليمحو الخطية ، بل هي تبقى مسجلة في المقدس حتى الكفارة النهائية ، وكذلك الحال في الرمز ، فدم الذبيحة الخطية رفع الخطية عن التائب ، ولكنها بقيت في المقدس إلى يوم الكفارة .AA 312.2

    في يوم المجازاة الأخير العظيم سيدان ( الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم ) (رؤيا 20 : 12) وحينئذ فباستحقاق دم المسيح المكفر ستمحى كل الخطايا التائبين حقا من سجلات السماء ، وبذلك سيطهر المسكن من كل أثر للخطية . وفي الرمز ، كان عمل الكفارة العظيم هذا أو محو الخطايا مرموزا إليه بخدمات يوم الكفارة ، أي تطهير المقدس الأرضي الذي كان يتم بأن تزال منه ، باستحقاق دم ذبيحة الخطية ، الخطايا التي قد تنجس بها .AA 312.3

    وكما أن خطايا التائبين حقا ستمحى في الكفارة النهائية من سجلات السماء ولن تعود تذكر أو تخطر على بال ، كذلك في الرمز كانت تحمل بعيدا في البرية وتنفصل إلى الأبد عن الجماعة .AA 312.4

    وحيث أن الشيطان هو مبتدع الخطية والمحرض على كل الخطايا التي سببت موت ابن الله ، فالعدل يقتضي أن يكابد الشيطان العقاب النهائي . وأن عمل المسيح لأجل فداء الناس وتطهير المسكونة من الخطية سيختم بإزالة الخطية من المسكن السماوي ووضع هذه الخطايا على الشيطان الذي سيتحمل العقاب النهائي ، كذلك في الخدمة الرمزية . فالخدمات التي كانت تقام على مدار السنة اختتمت بتطهير القدس والاعتراف بالخطية على رأس تيس عزازيل .AA 312.5

    وهكذا ففي خدمة الخيمة ، والهيكل الذي حل في مكانها بعد ذلك ، كان الشعب كل يوم يتعلم الحقائق العظيمة المتعلقة بموت المسيح وخدمته ، وكانت أفكارهم تتجه ، مرة في كل سنة ، إلى الأمام إلى حوادث خاتمة الحرب العظمى بين المسيح والشيطان ، وتطهير المسكونة نهائيا من الخطية والخطاة .AA 312.6

    * * * * *