Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
الاباء والانبياء - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل التاسع والأربعون—كلمات يشوع الأخيرة

    ما إن انتهت حروف الغزو حتى أوى يشوع إلى بيته في تمنة سارح براحة الاطمئنان ، ( وكان غب اأام كثيرة ، بعدما أراح الرب إسرائيل من أعدائهم حواليهم ، أن يشوع ... دعا ... جميع إسرائيل وشيوخه ورؤساءه وقضاته وعرفاءه ) (انظر يشوع 23 ، 24) .AA 464.1

    مضت بضع سنين منذ استراح الشعب كل في ملكه ، وكانت تلك الشروور التي سبق أن جلبت على إسرائيل الويلات الكثيرة ، قد بدأت تستشري وتؤتي ثمارها . فإذ أحس يشوع بضعفات الشيخوخة تدب في أوصاله ، وتحقق من أن عمله موشك على الانتهاء امتلأ قلبه جزعا على مستقبل شعبه ، ولما اجتمعوا مرة أخرى حول قائدهم الشيخ جعل يخاطبهم باهتمام يفوق اهتمام الأب بأولاده ، فقال : ( وأنتم قد رأيتم كل ما عمل الرب إلهكم بجميع أولئك الشعوب من أجلكم ، لأن الرب إلهكم هو المحارب عنكم ) ومع أن الكنعانيين كانوا قد أخضعوا ، فقد كانوا يمكلون قسما كبيرا من الأرض الموعود بها لإسرائيل ، فناشد يشوع شعبه ألا يركنوا إلى الراحة وينسوا أمر الرب لهم بتجريد تلك الأمم الوثنية نهائيا من البلاد .AA 464.2

    وكان الشعب بوجه عام متباطئين في إتمام عملية طرد الوثنيين . فالأسباط تفرقت كل إلى أرضه ، والجيش سرح ، ومسألة استئناف الحرب في نظرهم كانت عملا شاقا ومشكوكا فيه . ولكن يشوع أعلن قائلا لهم : ( الرب إلهكم هو ينفيهم من أمامكم ويطردهم من قدامكم ، فتملكون أرضهم كما كلمكم الرب إلهكم . فتشددوا جدا لتحفظوا وتعلموا كل المكتوب في سفر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يمينا أو شمالا ) .AA 464.3

    واستشهد يشوع بالشعب أنفسهم كشهود على أنهم ما داموا يتممون الشروط فالله من جانبه أنجز وعوده لهم فقال : ( وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم أنه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم . الكل صار لكم ، لم تسقط منه كلمة واحدة ) ثم أعلن لهم أنه كما أنجز الرب مواعيده فسينفذ تهديداته ووعيده ، قال : ( ويكون كما أنه أتى علكيم كل الكلام الصالح الذي تكلم به الرب إلهكم عنكم ، كذلك يجلب عليكم الرب كل الكلام الرديء ... حينما تتعدون عهد الرب إلهكم ... يحمى غضب الرب عليكم فتبيدون سريعا عن الأرض الصالحة التي أعطاكم ) .AA 464.4

    والشيطان يخدع الناس بتلك الأكذوبة القائلة إن محبة الله لشعبه عظيمة جدا بحيث أنه سيغضي عن الخطية في حياتهم ، وهو يقول إنه في حين أن تهديددات الله تخدم غرضا خاصا في حكمه الأدبي لن تنفذ حرفيا . ولكن الله في كل معاملاته مع خلائقه قد أيد مبادئ البر بإظهار الخطية على حقيقتها — وبإعلان حقيقة كون عقبتها المحتومة هي الشقاء والموت . إن غفران الخطايا غير المشروط لم يكن له وجود ولن يكون ، فمثل هذا الغفران يعلن التخلي عن مبادئ البر وطرحها جانبا مع أنها هي أساس حكم الله ، ومثل هذا الغفران يملأ قلوب كل سكان المسكونة الأبرار ذعرا ورعبا . إن الله قد كف عن عواقب الخطية بكل أمانة . فإذا لم تكن الإنذارات حقيقية فكيف نتأكد من إتمام المواعيد . إن ذلك الإحسان الذي يدعى محبة والذي يلقي بالعدل جانبا ليس هو إحسانا بل ضعفا .AA 465.1

    إن الله هو مانح الحياة . ومن البدء وضعت شرائعه للحياة ، ولكن الخطية أقحمت نفسها على النظام الذي قد أقره الله ، وتبع ذلك التشويش . وما دامت الخطية باقية فلا بد من وجود الآلام والموت . والإنسان لا يمكنه أن يرجو النجاة من نتائج الخطية الوبيلة بنفسه إلا لأن الفادي قد حمل لعنة الخطية عن البشرية .AA 465.2

    وقبل موت يشوع استدعي رؤساء الأسباط وممثلوه ، فاجتمعوا به مرة أخرى في شكيم إطاعة لدعوته . لم تكن هناك بقعة أخرى في كل البلاد مرتبطة بذكريات مقدسة كثيرة ، وعادت بأفكارهم إلى عهد الله مع إبراهيم ويعقوب ، وذكرتهم بعهودهم المقدسة عند دخولهم كنعان . هنا كان جبلا عيبال وجرزيم ، وكانا كلاهما شاهدين صامتين على عهودهم هذه التي كانوا قد اجتمعوا بقائدهم المزمع أن يموت لكي يجددوها أمامه . وفي كل مكان كانت أدلة هعلى ما قد فعله الله معهم ، وكيف أنه أعطاهم أرضا لم يتعبوا عليها ومدنا لم يبنوها وكروما وزيتونا لم يغرسوها . وقد ردد يشوع على مسامعهم ، مرة أخرى ، تاريخ إسرائيل ذاكرا عجايب الله لكي يشعر الجميع بمحبته ورحمته ويخدموه ( بكمال وأمانة ) .AA 465.3

    وبناء على أمر يشوع أتى بالتابوت من شيلوه . وقد كانت تلك الفرصة فرصة وقار مقدسة عظيمة . وهذا الرمز إلى حضور الله سيعمق في نفوسهم التأثير الذي قصد يشوع أن يتأثر به الشعب . فبعدما استعرض أمامهم صلاح الله نحو إسرائيل طلب منهم باسم الرب أن يختاروا لأنفسهم من يعبدون . كانت عبادة الأوثان لا تزال تمارس بينهم إلى حد ما سرا . فأراد يشوع أن يجعلهم الآن يقررون قرارا ينفي هذه الخطية بعيدا عن إسرائيل ، فقاال لهم : ( وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب ، فاختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون ) . لقد قصد يشوع أن يقودهم إلى عباد ة الرب ليس بالاضطرار بل بالاختيار . إن محبة الله هي أساس الديانة عينا وعبادتنا لله طمعا في الجزاء الحسن أو خوفا من العقاب هي عبادة باطلة لا نفع فيها . والارتداد العلني لن يكون مكروها من الله أكثر من النفاق والعبادة الرسمية الطقسية .AA 466.1

    جعل ذلك القائد الشيخ يستنهض همم الشعب ليفكروا في ما قد وضعه أمامهم في علاقته بهم من جميع نواحيه ، وليقرروا هل كانو حقا يرغبون في أن يعيشوا كما عاشت الأمم الوثنية المنحطة بهم . فإن ساء في أعينهم أن يعبدوا الرب مصدر القوة ونبع البركة فليختاروا لأنفسهم من يعبدون ( الآلهة الذين عبدهم آباؤكم ) الذين دعا الله إبراهيم ليخرج من بينهم أو ( آلهة الأموريين الذين أنتم ساكنون في أرضهم ) هذه الكلمات الأخيرة كانت توبيخا جارحا لإسرائيل . إن آلهة الأموريين لم تستطع حماية عابديها . فبسبب خطاياهم ورجاستهم وانحطاطهم هلكت تلك الأمة الشريرة . والأرض الجيدة التي كانت قبلا في حوزتهم أعطيت لشعب الله . فأية غباوة هذه أن يختار إسرائيل تلك الألهة التي سببت عبادتها هلاك الأموريين ؟ ثم قال يشوع : ( أما أنا وبيتي فنعبد الرب ) إن نفس تلك الغيرة المقدسة التي اضطرمت في قلب ذلك القائد ألهبت قلوب الشعب . وكلماته القوية جعلتهم يستجيبون لندائه في غير تردد إذ قالوا : ( حاشا لنا أن نترك الرب لنبعد آلهة أخرى ) .AA 466.2

    فقال لهم يشوع ( لا تقدرون أن تعبدوا الرب لأنه إله قدوس وإله غيور ... لا يغفر ذنوبكم وخطاياكم ( فقبلما يكون هنالك إصلاح دائم ثابت ينبغي لهم أن يشعروا بعجزهم في ذواتهم عن تقديم الطاعة لله . لقد نقضوا شريعته ، فحكمت عليهم تلك الشريعة بأنهم متعدون وخطاة ولم تقدم لهم طريقا للنجاة . فحين اتكلوا على قوتهم وبرهم كان من المستحيل عليهم أن يحصلوا على غفران خطاياهم ولم يستطيعوا القيام بمطاليب شريعة الله الكاملة ولذلك فعبثا يتعهدون بأن يعبدوا الرب . إنما فقط بالإيمان بالمسيح كان يمكنهم أن ينالوا غفرانا لخطاياهم ويحصلوا على قوة لإطاعة شريعة الله . يجب أن يكفوا عن الاعتماد على مجهودهم الخاص للخلاص ويتكلوا اتكالا كاملا على استحقاقات المخلص الموعود به إذا أرادوا أن يقبلهم الله .AA 468.1

    لقد حاول يشوع أن يقود سامعيه إلى أن يزنوا كلامه جيدا ويكفوا عن تقديم النذور والعهود التي هم غير مستعدين لإتمامها . فبغيرة عظيمة كرروا إعلانهم السابق قائلين : ( لا بل الرب نعبد ) ، وبكل وقار قبلوا أن يكونوا شهودا على أنفسهم بأنهم قد اختارو الرب . فرددوا عهد ولائهم مرة أخرى قائلين : ( الرب إلهنا نعبد ولصوته نسمع ) .AA 468.2

    ( وقطع يشوع عهدا للشعب في ذلك اليوم ، وجعل لهم فريضة وحكما في شكيم ) فبعد ما كتب تقريرا عن هذا العهد وضمه مع سفر الشريعة في جانب التابوت . وأقام تذكارا ثم قال ( إن هذا الحجر يكون شاهدا علينا ، لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به ، فيكون شاهدا عليكم لئلا تجحدوا إلهكم . ثم صرف يشوع الشعب كل واحد إلى ملكه ).AA 468.3

    أتم يشوع عمله لأجل إسرائيل ، إذ ( اتبع الرب تماما ) والكتاب المقدس يصفه بأنه ( عبد الرب ) . إن أنبل شهادة لأخلاقه كقائد عام هي في تاريخ الجيل الذي تمتع بثمار جهوده إذ يقول الكتاب : ( وعبد إسرائيل الرب كل أيام يشوع ، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع ) .AA 468.4

    * * * * *

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents