Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
أعما لالرُّسل - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل الرابع والعشرين .

    كونثوس

    (يعتمد هذا الفصل على ماجاء في أعمال18 : 1- 18).

    في القرن المسيحي الأول كانت كورنثوس إحدى كبريات المدن ليس في بلاد اليونان وحسب ، بل في اعالم أجمع. كان اليونانيون واليهود والرومان مع المسافرين من كل بلد يحتشدون في شوارعها للعمل والتجارة وطلب المسرات . وحيث أنها كانت مركزا تجاريا عظيمافي موقع يسهل الوصول إليه من كافة أنحاء الامبراطورية الرومانية، فقد كانت مكانا هاما مؤهلا كي تقام فيه نصب تذكاريةلله ولحقه. AR 217.1

    وكان بين من أقاموا في كورنثوس من اليهود أكيلا وبريسكلا اللذان اشتهرا فيما بعد كخادمين غيورين للمسيح. فإذ تعرفبولس بهذين الشخصين وعرف صفاتهما «اقام عندهما» ( عدد3).AR 217.2

    واجه بولس عند بدء خدماته فيهذه المدينة ، التي كانت طريقا للمسافرين عراقيل خطيرة منتشرة في كل مكان ، تقف حائلا يمنع تقدم عمله .كانت الوثنيةتعم المدينة بكاملها وكانت الزهرة هي الالهة المفضلة التي اقترنت بعبادتها طقوس كثيرة وممارسات شريرة. وقد اشتهر اهل كورنثوس حتى بين الوثنيين ، بفجورهم ودعاتهم الفاضحة. وقد بدا كأنهم لايفكرون ولايكترثون لغير مسراتهم ومرحهم الحاضر .AR 217.3

    سلك الرسول،وهو يكرز بالانجيل في كونثوس ، مسلكا يخالف ذاك الذي امتازت به كرازته في أثينا . فإذ كان في أثينا حاولأن يوفق بين أسلوبه وصفات سامعيه ، فقابل المنطق بالمنطق وقارع الحجة بالحجة والعلم بالعلم والفلسفة بالفلسفة . فإذ كان يفكر في الوقت الذي انقضى هكذا ، وتحقق من أن تعليمه في أثينا لم يثمر الا في حصاد قليل ، فقد قرر ان ينتهج طريقا آخر للعملفي كورنثوس في محاولتهلاسترعاء انتباه الناس المهملينوالعديمي المبالات. وقد عول على أن يتحاشى إيراد الحجج المحكمةوالمجادلات «وألا يعرف شيئا» بين أهل كونثوس «الا يسوع المسيح واياه مصلوبا» . لقد عزم ان يكرز لهم «لم يكونا بكلام الحكمة الانسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة» ( 1 كورنثوس2 : 2 ، 4).AR 218.1

    كان يسوع الذي أزمع بولس على تقديمه لليونانين في كورنثوس كالمسيا ، يهوديا وضيع الأصل نشأ في مدينة يضرب بها المثللشرها . لقد رفضته أمته وفي النهاية صلب كفاعل شر . كان اليونانييون يعتقدون أن الحاجة تدعوا إلى ترقية الجنس البشري ، ولكنهم كانوا يعتبرون أن دراسة الفلسفة والعلم هي الوسائل الوحيدة لبلوغ أعلى درجات الرقى والكرامة الحقيقيين . فهل كان بولس يستطيع أن يقودهمإلى الاقتناع بأن الايمان بقوة هذا اليهودي المغمور كفيل بأن يرفع ويشرف كل قوى الكيان البشري ؟ AR 218.2

    إن صليب الجلجثة يبدوا لأذهان جماهير ممكن يعيشون في عصرنا الحاضر محاطا بذكريات مقدسة. وتوجد علاقات مقدسة مرتبطة بمشاهد الصلب . ولكن في ايام بولس كان الناس ينظرون الى الصليب بمشاعر النفور والرعب . فكون يرفع أمام الأنظار شخصا مات على الصليب على أنه مخلص البشرية ، إنما كان مدعاة تلقائية للسخرية والمقاومة . AR 218.3

    ولقد عرف بولس جيدا كيف سيقابلاليهود واليونانيون رسالته . لقد اعترف قائلا : «ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا : لليهود عثرة ، ولليونانيين جهالة» ( 1 كورنثوس 1 : 23). لقد كان بينسامعيه من اليهود كثيرون ممكن كانوا لابد سيغضبون من رسالته التي كان مزمعا أن يعلنها . وفي تقدير اليوناني أيضا كانت أقواله جهلا وسخافة . وكان سينظر إليه باعتباره مختل العقل لمحاولته ان يبرهن كيف ان الصليب يمكن ان يكون له ارتباط برفع شأن الجنس البشري او خلاصه . AR 219.1

    اما بالنسبة الى بولس فكان الصليب هو الهدف الاوحد الذي له اهمية عظمى . فمنذ ان جذبه المسيح اليه واوقفه عند حده عنالمضي في اضطهاد تلاميذ الناصري المصلوب ، لم يكف عن الفخر بالصليب. ففي ذلك الحين أغطى له إلان عن محبة الله غير المحدودة كما هي معلنة في موت المسيح، فحدث تغيير عجيب في حياته، جعل كل خططه ومقاصده على وفاق معالسماء . ومن تلك الساعة صار انسان جديدا في المسيح. وقد عرف بالاختبار الشخصيانه عندما يرى أي خاطئ محبة الآبكما هي متجليةفي ذبيحة ابنه ، ويخضع للتاثيرالالهي ، فإن قلبه يتغيرومن ذلك الوقت يصير المسيح هو الكل في الكل بالنسبة له . AR 219.2

    إن بولس عند اهتدائه وتجديده ألهم برغبة واشتياق حارين لأن يعين بني جنسه كي يروا يسوع النصارى باعتباره ابن الله الحي القادر على ان يغير ويخلص . ومنذ ذلك الوقت كرس حياته بالتمام لمسعى هام وهو ان يصور للآخرين محبة المصلوب وقدرته. وقد استوعب قلبه الكبير العطوف كل الطبقات. فقد أعلن قائلا: «إني مديون لليونانيين والبرابرة ، للحكماء والجهلاء» ( رومية1: 14) . إن محبته لرب المجد الذي كان قد اضطهده بكل قسوة في شخص قديسية ن كانت هي المبدأ المحركبالنسبة له في تصرفاته والقوة الباعثة له على العمل. فلو ضعفت غيرتهفي طريق الواجب مرة ، فإن نظرة واحدة الى الصليب والمحبة المدهشة المعلنة فيه ، كان ت كفيلة بأن تجعله يمطق أحقاء ذهنه ويسرع إلى الأمام في طريق إنكار الذات .AR 219.3

    انظروا الرسول وهو يكرز في مجمع كورنثوس ، محاجا من أسفار موسى والانبياء ، وقائدا أفكار سامعيهحتى مجيئ المسيا الموعود به . أصغوا اليه وهو يوضح عمل الفادي بوصفه رئيس الكهنة الاعظم لبنيالانسان ذاك الذي بذبيحة نفسه كان مزمعا ان يصنع كفارة واحدة عن الخطية ومن ثم يباشر خدمتهفي القدس السماوي. وقد جعل بولس سامعيه يدركون أن المسيا الذي كانوا يتوقون إلى مجيئه قد أتى ، وأن موته كان هو الشيئ رمزت اليه كل الذبائح الكفارية ، وأن خدمته في القدس السماوي كانت هي الهدف العظيم الذي ألقى ظله إلى الخلف وأوضح خدمة الكهنوت اليهودي.AR 220.1

    إن بولس كا ن «يشهد لليهود بالمسيح يسوع» (عدد 5) . فمن كتب العقهد القديم برهن على انه طبقا للنبوات اونتظار اليهود العم ، سيكون المسيا من نسل ابراهيم وداود، ثم تتبع النسل الذي جاء منه يسوع من ابراهيم الى الملك المرنم. وقد تلا شهادة الانبياء الخاصة بصفات المساالموعود به وعمله واستقبال الناس له ونوع المعاملة التي سيعامل بها على الارض ، ثم أراهم أن كل هذه النبوات قد تمت في حياة يسوع الناصريوخدمته وموته.AR 220.2

    وقد برهن بولس على أن المسيح قد اتى ليقدم الخلاص أولا للأمة التي كانت تنتظر مجيئ المسيا كذروة مجد وجودهم القومي . ولكن تلك الامة رفضت ذاك الذي كان يريد ان يمنحهم الحياة ، واختارت قائد آخر كان ملكه سينتهي بموته . وقد حاول بولس ان يقنع سامعيه بحقيقة كون التوبة وحدها يمكنها ان تنقذ الامة اليهودية من الهلاك والخراب المحدقين بها . وقد كشف عن جهلهم لمعنى تلك الاقوال الكتابية التي وجب ان يكون فهمها الكامل موضع فخرهم ومجدهم . وقد وبخهم على حبهم للعالم وللمراكز والالقاب والمظاهر ، وعلى انانيتهم غير العادية.AR 220.3

    قص بول بقوة الروح قصة اهتدائه المعجزي وثقته في الاقوال الواردة في كتب العهد القديم التي تمت بحذافيرهافي شخص يسوع الناصري . وقد نطق بتلك الاقوال بغيرة مقدسة، حتى لم يسع سامعيه الا ان يلاحظوا بأنه كان يحب المخلص المصلوب والمقام بكل قلبه . كما رأواان عقله كان مركزا في المسيح وان كل حياته كانت مرتبطة بسيده. كان كلامه مؤثرا جدا بحيثلم يتجاوز تأثيرهاإلا أولئك الذين كانوا ممتلئين بالعداوة المرة ضد الدين المسيحي . إلا ان يهود كونثوس أغمضوا عيونهم كي لاروا البهران الذي قدمه الرسول بكل وضوح ، فرفضوا الاصغاء الى مرافعاته. إن الروح نفسها التي جعلتهم يرفضون المسيح ملأتهم غضبا واهتياجا ضد خادمه، ولو لم يحرسه الله حراسة خاصة كي يستأنف حمل رسالةالانجيل الى الامم ، لكانوا قضوا على حياته . .AR 221.1

    «واذا كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم ،انا بريء، من الان اذهب الى الامم ، افنتقل من هناك وجاء الى بيت رجال اسمه يوستس ، كان متعبدا لله ، وكان بيته ملاصقا للمجمع» ( عدد6 ، 7 ).AR 221.2

    كلا سيلا ويموثاوس قد انحدرا «من مكدونية» ( عدد 5) لمساعدة بولس ، وقد خدموا معا بين الامم . فكرز بولس هو ورفيقاه للامم كما لليهود، بالمسيح كمخلص الجنس البشري الساقط. وإذ تجنب رسال الصليب المحاجات المعقدة الخادعة تكلموا عن صفات خالق العالم — حاكم الكون الأعلى . وإذ كانت قلوبهم ملتهبة بمحبة الله وابنه، توسلوا إلى الوثنيين كي ينظروا الى الذبيحة غير المحدودة المقدمة لأجل الانسان. وقد عرفوا انه لو امكن لأولئك الذين ظلوا طويلا يتلمسون طريقهم في ظلام الوثنية أن ينظروا النور المنبعث من صليب الجلجثة، لكانوا انجذبواإلى الفادي. لقد أعلن المخلص قائلا : «وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب الى الجميع» ( يوحنا12 : 32).AR 221.3

    ان خدام الانجيل في كورنثوس تحققوا من المخاطر الرهيبة التي تتهدد نفوس الذين كانوا يخدمون ويتعبون لأجلهم، واذا كانوا يشعرون بالمسؤولية الملقاة عليهم ،قدموا الحق كما تجلى في يسوع. كانت رسالتهم واضحة وصريحة وقاطعة رائحة حياة لحياة أو راحة موت لموت . فالانجيلاعلن ليس فقط بكلامهم ، بل ايضا في حياتهم اليومية. وكان الملائكة يتعاونون معهم ، فظهرت نعمة الله وقدرته في اهتداء الكثيرين. «وكريسبس رئيس المجمع آمن بالرب مع جميع بيته، وكثيرون من الكورنثيين اذا مسعوا امنوا واعتمدوا» ( عدد8 ) . AR 222.1

    ان العداء الذي كان اليهود يضمرونه للرسل دائما ، زاد عندئذ اشتدادا . ذلك ان اهتداء كريسبس ومعموديته ، عوض ان يقنع هؤلاء المقاومين العنيدين ، زاد من غيظهم. إنهم لم يستطيعوا الادلاء بحجج لتكذيب كرازة بولس او تفنيد اقواله . ولعدم وجود براهين لديهم ، لجأوا الى المخادعة والتهجم الخبيث. فجدفوا على الانجيلوعلى اسم يسوع. وفي غضبهم الاعمى نطقوا بألذع الالفاظ والنعوت المرة ولم يدخروا مكيدة من المكائد المنحطة الا واستخدموها انهم لم يستطيعوا انكار حقيقة كون المسيح قد صنع معجزات، ولكنهم اعلنوا انه صنعها بقوة الشيطان ، وبكل جرأة اصروا الآن على ان المعجزات العظيمة التي اجراها بولس إنما صنعها بالقوة ذاتها.AR 222.2

    ومع أن بولس كان قد احرز قدرا من النجاح في كورنثوس ، الا ان الشر الذي رآه وسمعهفي تلك المدينة الفاسدة كان يثبط عزمه . فالفساد الذي شاهده بين الامم ، والاحتقار ، والاهانات التي جاءته من اليهود سببت لروحه عذابا شديدا لقد شك في حكمة محاولة اقامة كنيسة من العنار التي وجدها هناك.AR 223.1

    وإذ كان بعد خططه لمغادرة المدينة والذهاب الى حقل آخر يرجى منه الخير ، واذ كان يطلب بغيرة ان يفهم واجبه ، ظهر لهالرب في رؤيا وقال له «لاتخف ، بل تكلمولاتكست لأني أنا معك ، ولا يفع بك أحد ليؤذيك، لأن لي شعبا كثيرا في هذه المدينة» ( عدد 9، 10 ). وقد قهم بولس ان هاذا امر له كي يبقى في كورنثوس، وانه تلقى ضمانا بأن الرب سيأتي بحصاد وفير من البذار الذي زرع . فإذ تقوى وتشجع ظل بولس يعمل هناك بغيرة ومثابرة.AR 223.2

    لم تكن جهود الرسول مقتصرة على الخطابة امام الجماهير ، اذا كان يوجد كثيرون ممكن لم يكن ممكنا الوصولاليهم بهذه الطريقة . ولهاذا صرف وقتا طويلاوهو يخدم من بيت الى بيت ، وهكذا استفاد من المقابلات الاعتيادية المألوفة في محيط الجيرة. لقد زار المرضى والحزانى وعزى المتضايقين ورفع المظلومين. وقد عظم اسم يسوع في كل ماقال وفعل . وهكذا خدم : «في ضعف ، وخوف ، ورعدة كثيرة» ( 1 كورنثوس2: 3). كان يرتعد خشية ان يكشف تعليمة عن الطابعالبشري لا الروحي . «أي انه اراد ان يختفي هو ويظهر المسيح في تعليمه».AR 223.3

    وقد اعلن بولس لعد ذلك قائلا : «لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين، ولكن بحكمة لسيت من هذا الدر ، ولامن عظماء هذا الدهر، الذين يبطلون . بل نتكلم بحمكة الله في سر الحكمةالمكتومة ، التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا ، التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر ، لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد . بل كما هو مكتوب مالم تر عين ، ولم تسع اذن ولم يخطرعلى بال انسان مااعده الله للذين يحبونه. فأعلنه الله لنانحن بروحه. لأن الروح يفحص كل شيئ حتى أعمال الله . لأن من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه ؟ هكذا ايضا امور الله لايعرفها احد الا روح الله»AR 223.4

    «ونحن لم نأخذ روح العالم ، بل الروح الذي من الله ، لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها ايضا ، لا بأقوال تعلمها حكمة انسانية ، بل بما يعلمه الروح القدس، قارنين الوحيات بالروحيات» ( 21 كورنثوي 2: 6-13).AR 224.1

    لقد تحقق بولس من ان كفايته لسيت في نفسه ، بل في حضور الروح القدسالذي كان يملأ قلبه بقوتهالسماوية ، مخضعا كل فكرة للمسحي . وقد تكلم عن نفسه قائلا : «حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع ، لكي تظهر حياة يسوع ايضا في جسدنا» ( 2 كورنثوس4 : 10). وفي تعاليم الرسول ، كان المسيح هو الصورة المركزية. فقد اعلن قائلا: «فأحيا لا أنا ، بل المسحي يحيا في» ( غلاطية2: 20 ) لقد اخفيت النفس اما المسيح فقد ظهروتمجد. AR 224.2

    كان بولس خطيا فصيحا . فبل اهتدائه كثيرا ماحاول ان يؤثر على سامعيه بخطبه البليغة الخيالية. اما الان فقد القى كل هاذا جانبا. فبدلا من الانهماك في الاوصاف الشعرية والتشبيهات تلك التي يمكن ان تسر الحواس وتغذي الخيال دون ان تمس الاختبار اليومي ، فقد حاول بولس ، باستعمال اللغة البسيطة ، ان يدخل إلى اعماق القلب الحقائق ذات الاهمية الحيوية . ان تقديم الحق في صور وتشبيهات أخاذة قد ينتج عنه سرور وهيام في المشاعر ، ولكن في اغلب الاحيان نجد ان الحقائق المقدمة بهذه الطريقة لاتقدم المؤونة الكافية لتقوية المؤمن وتحصينه لخوص معارك الحياة. فالحاجات الملحة والتجارب الحاضرة التي تمر فيها النفوس المجاهدة — هذه ينبغي ان تقابل بتعليم سليم وعملي في مبادئ المسيحية الاساسية. AR 224.3

    ولم تكن جهود بولس في كورنثوس بلا ثمر ، فقد رجع كثيرون من عبادة الاوثان ليخدموااله الحي ن وانضوت كنيسة تحت لواء المسيح. وبعض ممن انقذتهم رسالة المسيحية كانوا قبلا يعيشون في وسط اعظم الامم شهوانية ، ثم صاروا نصبا لرحمة الله وكفاية دم المسحي للتطهير من الخطية . AR 225.1

    هذا وقد اثار النجاح المتزايد الذي أحرزه بولس في تقديم المسيح، ثائرة اليهود غير المؤمنين ليمنعوا في مقاومتهم العنيدة له . فجموعوا جموععم «قام اليهود بنفس واحدة على بولس ، وأتوا به إلى كرسي الولاية» أمام الوالي غاليون الذي كان حاكما على أخائية حينئذ ( عدد 12) . وكانوا ينتظرون ان تنحاز السلطات الى جانبهم كما في المرات السالفة ، وبأصوات عالية غاضبة نطقوابشكواهم ضد الرسول قائلين : «هذا يستميل الناس ان يعبدوا الله بخلاف الناموس» ( عدد 13).AR 225.2

    كان الدين اليهود تحت حماية السلطة الرومانية ، فظن المشتكون على بولس انه ماذا امكنهم ان يثبتوا عليه تهمة انتهاك نواميس ديانتهم ، فمن المرجح انه قد يسلم اليهم ليحاكموه ويقضوا عليه . فكانوا يرجون بذلك ان يسوقوه الى الموت . ولكن غاليون كان رجلا نزيها فرفض ان يتشبه باليهود في حسدهم ومكيدتهم ، كما رفض ان ينصاع لهم ولدسائسهم. واذ كان مشمئزا من تعصبهموبرهم الذاتي ، لم يرد ان يلقيبالا الى تلك التهمة . وحين كان بولس مزمعا ان يتكلم دفاعا عن نفسه ، أخبره غاليون بأن لا لزوم لذلك . ثم اذا التفت الى المشتكين الغاضبين قال لهم : «لو كان ظلما او خبثا رديا ايها اليهود ، لكنت بالحق قد احتملتكم . ولكن اذا كان مسألة عن كلمة ، واسماء ، وناموسكم فتبصورن انتم. لأني لست اشاء ان اكون قاضيا لهذه الامور . فطردهم الكرسي» ( عدد 14- 16).AR 225.3

    لقد كان اليهود واليونانيون ينتظرون حكم غاليون بشوق ولهفة فكان رفضه المباشر والسريع لهذه القضية على انلاعلاقة لها بمصالح الجمهور ن هو العلامة الليهود ليتراجعوا خائبين غاضبين. وقد فتح تصرف الوالي القاطع عيون الجمهور الصاخب الذين كانوا يحرضون اليهود. ولأول مرة ، في أثناء سني خدمة بولس في أوربا ، انحاز الرعاعإلى جانبه، فأمام عيني الوالي وبدون تدخله ، احدقوا بأولئكالرجال العظام المشتكين على الرسول . «فأخذ جيمع اليونانيين سوستانيس رئيس المجمع، وضربوه قدام الكرسي ، ولهم يهم غاليون شيئ من ذلك» ( عدد 17). وهكذا احرزت المسيحية انتصارا فريدا. AR 226.1

    «واما بولس فلبث ايضا ايام كثيرة» ( عدد18). لو كان الرسول قد اكره في ذلك الوقت على مغادرة كورنثوس لكان المتدون الى ايمان يسوع قد وضعوا في موقف خطر ن اذ كان اليهود يحاولون الانتفاه بالميزة التي غنموها كي يستأصلواالمسيحية من ذلك الاقليم AR 226.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents