Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
خواطر من جبل البَرَكَة - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First

    « وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ » (متى 6: 5)

    كانت للفريسيين ساعات محددة للصلاة، وعندما كان ينفق أن يكونوا في الخارج في وقت الصلاة المحددة كما كان يحدث كثيرا، كانوا يتوقفون عن السير والحركة كما كان يحدث كثيراً، كانوا يتوقفون عن السير والحركة أينما يوجدون — ربما في شارع أو في سوق في وسط جموع الرجال المسرعين في سيرهم — وهناك كانوا يتلون صلواتِهم الطقسية بأصوات عالية. فمثل هذه العبادة التي كانت تُقدّم لمجرد تمجيد الذات استوجبت توبيخ يسوع الصارم. ولكنّه مع ذلك لم يعترض على الصلاة الجهارية، فقد صلّى هو نفسه مع تلاميذه وفي حضور التلاميذ. ولكنه يعلمنا أنّ الصلاة الانفرادية ينبغي ألاّ تصير جهارية. ففي عبادتنا السرّية ينبغي ألاّ يسمع صلاتنا أحد غير الله سامع الصلاة. فينبغي ألاّ تسمع أذن متطفلة إلى مثل تلك الابتهالات.ArMB 41.3

    « مَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ » (متى 6:6). ليكن لك مكان للصلاة السرية. لقد كانت ليسوع أماكن مختارة للشركة مع الله، وهذا ما يجب أن نفعله نحن. إنّنا نحتاج إلى الاعتكاف كثيرا في بقعة ما، مهما تكن حقيرة. حيث يمكننا أن ننفرد مع الله.ArMB 41.4

    « صَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ ». يمكننا أن نمثل في حضرة الله باسم يسوع بثقة الأطفال. ولا حاجة بنا إلى إنسان ليقوم بدور الوسيط. فعن طريق يسوع يمكننا أن نفتح قلوبنا لله كمن يعرفنا ويحبّنا.ArMB 41.5

    ففي مخدع الصلاة حيث لا يمكن أن ترانا عينٌ غيرَ عين الله، أو تسمعنا أذنٌ غير أذنه يمكننا أن نسكب أعمق رغائبنا وأشواقنا أمام أبى الرأفة السرمدية، وفي هدوء النفس وسكونها فذلك الصوت الذي لا يخفق أبدا في الاستجابة لصرخة البشرية سيكلّم قلوبنا.ArMB 41.6

    « الرَّبّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ » (يعقوب 5: 11). إنّه ينظر بمحبة لا تكلّ ليسمع اعتراف العصاة الضالين ويقبل توبتهم. إنّه يراقب منتظرا أن يسمع منا اعترافا بالشكر كما تراقب الأمُّ في انتظار ابتسامة الرضى والاعتراف بالجميل من ابنها الحبيب. وهو يريدنا أن نفهم بأية غيرة ورقّة ولطف يشتاق قلبه إلينا. وهو يدعونا لأن نأخذ تجاربنا إلى عطفه وآلامنا وأحزاننا إلى حبّه وجروحنا إلى شفائه وضعفنا إلى قوته وفراغنا إلى ملئه. ولم يخِبْ قطُّ رجاءُ أيّ إنسان أتى إليه: « نَظَرُوا إِلَيْهِ وَاسْتَنَارُوا، وَوُجُوهُهُمْ لَمْ تَخْجَلْ » (مزمور 34: 5).ArMB 41.7

    إنّ من يطلبون الله في الخفاء ويخبرونه بحاجاتهم ويتوسّلون إليه في طلب العون لن يتوسلوا عبثاً: « فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً ». فإذ نجعل المسيح رفيقنا كل يوم فسنحسّ أنّ قوى العالم غير المنظور تحدق بنا. وإذ نشخص إلى يسوع نصير مشابهين لصورته. حين ننظر إليه نتغيّر. فالخلق يتهذب ويتنقّى ويتسامى ليصير أهلا لملكوت السَّمَاوَات. والنتيجة الأكيدة لمعاشرتنا وشركتنا مع سيّدنا ستكون زيادة التقوى فينا والطهارة والغيرة. وسيزيد ذكـاؤنا في الصلاة. فإنّنا نتلقّى تهـذيبا إلهيا وهذا نجــد له تفسيرا في حياة الاجتهاد والغيرة.ArMB 42.1

    إنّ النفس التي تتجه إلى الله في طلب العون والإسناد والقوة بواسطة الصلاة الحارة كل يوم ستحصل على أشواق نبيلة وإدراك واضح للحق والواجب ومقاصد سامية للعمل وجوع وعطش دائم إلى البرّ. وإذ نحتفظ بصلتنا بالله نصبح قادرين على أن نفيضَ على الآخرين من النور والسلام والطمأنينة التي تمتلك قلوبنا، وذلك عن طريق معاشرتنا لهم. إنّ القوّة التي نحصل عليها بالصلاة لله متّحدة ببذل الجهد في مثابرةٍ لتهذيب العقل على التفكير والحرص تعدّ الإنسان للواجبات اليومية وتحفظ الروح في سلام وهدوء في كل الظروف.ArMB 42.2

    فإذا اقتربنا إلى الله فهو سيضع في أفواهنا كلاما نقوله لأجله وتسبيحا لاسمه. وسيعلّمنا نغمة من ترانيم الملائكة، وشكرا لأبينا السماوي. وفي كل عمل من أعمال الحياة سيظهر نور المُخَلِّص الساكن فينا ومحبته. والاضطرابات الخارجية لا يمكنها أن تعكّر حياة الإيمان بابن الله.ArMB 42.3