Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
خواطر من جبل البَرَكَة - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First

    « مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ » (متى 7: 14).

    كان الناس في أيام المسيح يسكنون في مدن محاطة بأسوار، وغالبا ما كانت تُبنى فوق الجبال أو التلال. والأبواب التي كانت تُغلق عند الغروب كان يمكن الوصول إليها بواسطة طرق صخرية منحدرة. والمسافر الذي يسافر إلى بيته في آخر النهار كثيرا ما كان يسرع في سيره صاعدا في طريقه المُكرَب الشاق لعلّه يصل إلى الباب قبل هجوم الليل ... أمّا من يسير مبطئاً فكان يُترك خارجاً.ArMB 66.2

    فطريق الصعود الضيق المُكرب المؤدّي إلى البيت والراحة أعطى ليسوع صورة مؤثرة للطريق المسيحي، فقال: إنّ الطريق الذي أضعه أمامكم ضيق والباب يصعب دخوله لأن القانون الذهبي يطرد كل كبرياء وطلب ما للذات. نعم إنّه يوجد طريق أكثر اتساعا ولكن نهايته الهلاك. فإن أردتم تسلق طريق الحياة الروحية فعليكم بالمداومة على الصعـود لأنّه طريق يصعد إلى فوق. ويجب عليكم أن تسيروا مع الأقلية لأنّ الغالبية العظمى ستختار طريق النزول، الطريق المنحدر.ArMB 66.3

    يمكن أن يسير الشعب كله في الطريق المؤدي إلى الموت، بكل ما في قلوبهم من حب للعالم وأنانية، وكل كبريائهم وخيانتهم وانحطاطهم الأدبي. فيوجد مجال لآراء كل إنسان وعقائده، يوجد أمامه المجال ليتبع ميوله وليفعل كل ما يوحي به إليه حب الذات. فلكي يسير الإنسان في الطريق المفضي إلى الهلاك لا حاجة به إلى أن يبحث عن الطريق لأن الباب واسع والطريق رحب، والرِجلان تسيران بالطبع في الطريق الذي نهايته الموت.ArMB 66.4

    ولكن طريق الحياة ضيق وبابه مُكرَب. فإن تمسكت بأية خطية محيطة بك فستجد أنّ الباب أضيق من أن يتسع لك لتدخل. فينبغي لك التخلّي عن طرقك وإرادتك وعاداتك وأعمالك الشريرة إن أردت أن تحفظ طريق الرب. فالذي يخدم المسيح لا يستطيع أن يتبع آراء العالم أو يسير بموجب مقياس العالم. وطريق السماء أضيق من أن يتسع لركوب الجاه والمقام والغنى في أبهة وعظمة، أضيق من أن يتسع للهو الطموح المركز في الذات، وأشدّ انحدارا وأعظم خشونة من أن يتسلقه طلاب الراحة. لقد كان نصيب المسيح هو التعب والصبر وتضحية الذات والعار والفقر ومقاومة الخطاة له، ولابد أن تكون هذه نصيبنا إذا رغبنا في الدخول إلى الفردوس الله.ArMB 66.5

    ومع ذلك فلا تستنتـجوا أنّ الطريق الصاعد طريق مكرب والطريق النازل طريق سهل. فعلى طول الطريق المؤدي إلى الموت توجد آلام وعقوبات، وتوجد أحزان ومفشلات، وتوجد إنذارات بعدم التقدم. إنّ محبة الله قد جعلت من الصعب على المهملين والعنيدين أن يهلكوا أنفسهم. نعم، صحيح أن طريق الشيطان يبدو جذابا، ولكن ذلك كله خداع، ففي طريق الشرّ توجد ندامة مرّة وهمُّ مضنٍ. قد نظن انّه أمرُُ مسـرّ كوننا نتبع الكبرياء والطموح العالمي ولكن العاقبة هي ألم وحزن. فالخطط الأنانية قد تقدّم وعوداً خلاّبة وتعطي الإنسان آمالا بالاستمتاع، ولكننا سنجد أنّ سعادتنا مسمومة، وحياتنا قد تمررت بسبب الآمال المركزة في الذات. إنّ مدخل الطريق النازل المنحدر قد يكون مزدانا بالزهور، ولكن الطريق تكثر فيه الأشواك. ونور الأمل الذي يشعّ من مدخله ينطفئ في ظلمة اليأس، والنفس التي تسير في ذلك الطريق تنحدر إلى ظلمات ليل لا نهاية له.ArMB 66.6

    « أَمَّا طَرِيقُ الْغَادِرِينَ فَأَوْعَرُ ». وأما الحكمة فإنّ « طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلاَمٌ » (أمثال 13: 15؛ 3: 17). فكل عمل من أعمال الطاعة للمسيح، وكل عمل من أعمال إنكار الذات لأجله، وكل تجربة نحتملها حسنا، وكل نصرة نحرزها على التجربة هي خطوة في طريق السير إلى مجد النصرة النهائية. فإذا اتخذنا المسيح مرشداً لنا فسيرشدنا إلى الأمان. ولا حاجة لأن يضلّ أشرّ الخطاة طريقه. ولا حاجة بإنسان مرتعد يطلب الخلاص لأن يفشل في السير في النور الطاهر المقدس. فمع أنّ الطريق ضيق جدا ومقدس جدا بحيث أنّ الخطية لا يُسمح بدخولها إلى هناك ومع ذلك فقد ضمن الدخول للجميع، ولا حاجة لأن تقول نفس واحدة متشككة: «إنّ الله لا يهتم بي أبداً ».ArMB 67.1

    قد يكون الطريق وعراً والصعود قوياً، وقد تكون هناك حفر عن اليمين وعن اليسار، وقد نلتزم بأن نقاسي التعب والمشقة في سفرنا، وحين نكون معيين، وحين نكون مشتاقين إلى الراحة قد نلتزم بأن نحتمل أتعابا أكثر، وقد نلتزم أن نحارب ونحن في أشد حالات الوهن والإعياء، وحين تهِنُ عزائمنا يجب مع ذلك أن نتعلق بالرجاء. ولكننا إذ نسير متّبعين المسيح قائدَنَا فلن نخفق في بلوغ الميناء المشتهى أخيراً. إنّ المسيح نفسه قد وطئت قدماه الطريق الوعر قبلنا وقد مهد طريق أرجلنا.ArMB 67.2

    وعلى طول طريق الصعود في ذلك المسلك الصاعد المؤدي إلى الحياة الأبدية توجد ينابيع الفرح لإنعاش المعيين. فالذين يسيرون في سبل الحكمة يفرحون فرحا عظيماً في وسط التجارب والضيقات، لأنّ ذاك الذي تحبه نفوسهم يسير إلى جوارهم وإن كانوا لا يرونه. وفي كل خطوة يصعدونها يميزون بكل وضوح لمسة يده. وفي كل خطوة يرون لمحات أعظم من المجد آتية من الغير المنظور وهي تنير طريقهم، وأغاني الحمد التي يترنمون بها إذ تعلو وترتفع تصعد لتنضم إلى تسبيحات الملائكة الذين هم أمام العرش: « أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِق، يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ » (أمثال 4: 18).ArMB 67.3