لقد أُنبئ بحدوث نهضة عظيمة عند اعلان نبإ مجيء المسيح السريع واذاعته، كما هو وارد في نبوة رسالة الملاك الاول الواردة في رؤيا ١٤ . ان ملاكا يُرى طائرا ”في وسط السماء معه بشارة ابدية ليبشر الساكنين على الارض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب.“ و ”بصوت عظيم“ يعلن الرسالة قائلا: ”خافوا الله وأعطوه مجدا لانه قد جاءت ساعة دينونته واسجدوا لصانع السماء والارض والبحر وينابيع المياه“ (رؤيا ١٤ : ٦ و ٧). GC 393.1
ان حقيقة القول بأن ملاكا هو المبشر بهذا الانذار هي حقيقة لها معناه ا. لقد س رت حكمة الله أن تدلل على سمو العمل الذي ستتممه الرسالة، وعلى السلطان والمجد اللذين سيرافقانها، بطهارة رسول السماء وقوته ومجده . ان طيران الملاك ”في وسط السماء“ و ”والصوت العظيم“ الذي به سيُلقى الانذار واذاعته على كل ”الساكنين على الارض“ —”كل أمة و قبيلة ولسان وشعب“ — كل ذلك يبرهن على تلك النهضة واتساع مداها بحيث تشمل العالم كله. GC 393.2
والرسالة نفسها تفيض نورا بالنسبة الى وقت حدوث تلك النهضة . فقد أُعلن أنها جزء من ”البشارة الابدية“ وانها تعلن عن بدء الدينونة . لقد كُرز برسالة الخلاص في كل ا لعصور، لكنّ هذه الرسالة هي جزء من البشارة التي ما كان يمكن إذاعتها إلا في الأيام الأخيرة، لان ذلك الوقت هو وحده الذي يصدق فيه القول ان ساعة الدينونة قد أتت . فالنبوات تقدم بعض الحوادث المتتابعة التي تنتهي كلها ببدء الدينونة . ويصدق هذا القول على سف ر دانيال بنوع خاص . لكنّ ذلك الجزء من النبوة الذي له صلة بالايام الاخيرة قد أُمر دانيال بأن يخفيه ويختمه “ الى وقت النهاية ”. فالى أن نصل الى هذا الوقت ليس في المستطاع اذاعة رسالة عن الدينونة مبنية على اتمام هذه النبوات . ولكن في وقت النهاية كما يق ول النبي: ”كثيرون يتصفحونه (كثيرون يركضون هنا وهناك) والمعرفة تزداد“ (دانيال ١٢ : ٤). GC 393.3
ولقد حذر بولس الرسول الكنيسة من انتظار مجيء المسيح في أيامه. فقال: ”لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن انسان الخطية“ (٢ تسالونيكي ٢ : ٣). لا يأتي الا بعد الارتداد العظيم وبعد المدة الطويلة ،مدة حكم ”انسان الخطية“؛ بعد هذا لنا أن ننتظر مجيء الرب . ان ”انسان الخطية“ الملقب ايضا ب ”سر الاثم“ و ”وابن الهلاك“ و ”الاثيم“ يرمز الى البابوية التي أنبئ عنها في النبوة، وكانت ستحتفظ بسيطرتها لمدة ١٢٦٠ سنة. هذه المدة انقضت في عام ١٧٩٨ . ولم يكن ممكنا أن يأتي المسيح قبل ذلك الحين . ان بولس يتناول بتحذيره كل النظام المسيحي حتى الى عام ١٧٩٨ . فبعد سنة ١٧٩٨ ستذاع رسالة مجيء المسيح الثاني. GC 394.1
لم تقدم مثل تلك الرسالة في ما مضى . فبولس، كما رأينا، لم يكرز به ا. لقد وج ه انظار سامعيه الى المستقبل، الذي كان بعيدا جدا آنئذ، على أنه وقت مجيء الرب . والمصلحون لم يذيعوه . وقد قال مارتن لوثر ان الدينونة لن تأتي الا بعد مرور نحو ٣٠٠ سنة بعد زمانه . ولكن منذ عام ١٧٩٨ لم يعد سفر دانيال سفرا مختوما، فلقد ازدادت المعرفة بالنبوات، وأذ اع كثيرون أن رسالة الدينونة الخطيرة قريبة. GC 394.2