وعلى غرار الاصلاح العظيم الذي حدث في القرن السادس عشر ظهرت نهضة المجيء الثاني في كثير من ممالك العالم المسيحي في وقت واحد . ففي كل من أوروبا وأمريكا ق اد روح الرب كثيرين من رجال الايمان والصلاة لدرس النبوات، فاذ تتبعوا التاريخ الموحى به رأوا البرهان المقنع على أن نهاية كل شيء قريبة . وفي كثير من البلدان المختلفة كانت توجد جماعات منعزلة من المسيحيين، هؤلاء الناس وصلوا عن طريق درس الكتاب وحده الى الاعتقاد بقرب مجيء المخلص. GC 395.1
في عام ١٨٢١ ، أي بعدما وصل ميلر في تفسيره الى النبوات المشيرة الى يوم الدينونة، بدأ الدكتور جوزيف ولف، ”الرسول المبعوث الى العالم“، في اذاعة نبإ مجيء الرب السريع . وُلد ولف في المانيا من أبوين عبرا نيين. كان أبوه حاخاما يهوديا، لكنه اقتنع منذ صباه بصدق الدين المسيحي . ولما كان عقله نشيطا محبا للبحث والاستقصاء كان يصغي بكل شوق الى المحادثات التي كانت تدور في بيت أبيه حيث كان العبرانيون الاتقياء يجتمعون كل يوم ليعددوا آمال شعبهم وانتظاراته ومجد مسيا الآ تي وردّ اسرائيل . وفي يوم من الايام اذ سمع ذلك الصبي اسم يسوع الناصري سأل من يكون . فجاءه الجواب يقول: ”انه يهودي ذو مواهب عظيمة جد ا. ولكن بما أنه قد ادَّعى أنه مسيا فقد حكمت عليه المحكمة اليهودية بالقتل“. فعاد ذلك الصبي يسأل: ”اذاً فلماذا خربت أورشليم، ولماذا نحن مسبيون ؟“ فأجابه أبوه قائلا: ”واأسفاه ! واأسفاه ! ان السبب في ذلك هو أن اليهود قد قتلوا الانبياء“، ففي الحال برق في ذهن ذلك الصبي هذا الخاطر: ”ربما كان يسوع أيضا نبيا، وقد قتله اليهود مع أنه كان بريئا“ (٣٠٨). وقد كان هذا الشعور قويا بحيث أنه كان كثيرا ما يقف خارج كنائس المسيحيين ليصغي الى الكرازة مع أنه كان قد نُهي عن الدخول اليها. GC 395.2
واذ كان لا يزال في السابعة من عمره جعل يتفاخر أمام شيخ مسيحي ىمن جيرانه بالنصرة العتيدة التي ستكون من نصيب اسرائيل عند مجيء مسي ا. فقال له الشيخ: ”سأخبرك الآن يا ولدي العزيز عمن كان مسيا الحقيقي، لقد كان هو يسوع الناصري ... الذي قد صلبه أجدادك كما قد فعلوا بالانبياء منذ القديم . اذهب الى بيتك واقرأ الاصحاح الثالث والخم سين من سفر اشعياء فتقتنع بأن يسوع المسيح هو ابن الله“ (٣٠٩)، فاقتنع في الحال وذهب الى البيت وقرأ ذلك الاصحاح، وكان مندهشا كيف تم ذلك الكلام تماما في يسوع الناصري. فهل كان كلام ذلك المسيحي صادقا ؟ وقد طلب ذلك الصبي من أبيه أن يفسر له تلك النبوة ، ولكنه قوبل بصمت عابس بحيث لم يجرؤ بعد ذلك على طرق ذلك الموضوع . ومع ذلك فان هذا زاده شوقا الى معرفة المزيد من الدين المسيحي. GC 396.1