يشير القرنان الشبيهان بقرني الخروف والصوت الشبيه بصوت التنين في الرمز الى تناقض مدهش بين اعترافات الامة المرموز اليها واعماله ا. ان ”تكلم“ الامة هو عمل سلطا تها التشريعية والقضائية . فبهذا العمل ستكذب كل تلك المبادئ السخية السلمية التي اذاعت بانها اساس سياسته ا. فالنبوة القائلة ان هذا الوحش سيتكلم ”كتنين“ ويعمل ”بكل سلطان الوحش الاول“ تنبئ بجلاء عن نمو روح التعصب والجنوح الى الاضطهاد الذي اظهرته الامم التي ير مز اليها التنين والوحش الشبيه بالنمر . والحقيقة القائلة ان الوحش الذي له القرنان ”يجعل الارض والساكنين فيها يسجدون للوحش الاول“ تدل على ان سلطان هذه الامة سيستخدم في ارغام الناس على القيام ببعض الممارسات التي ستكون عملا من أعمال الولاء للبابوية. GC 482.2
مثل هذا العمل سيناقض مناقضة مباشرة مبادئ هذه الحكومة، ويتناقض مع عبقرية نظمها الحرة ومع اعترافات اعلان الاستقلال المباشرة الحازمة ومع الدستور ايض ا. لقد حرص مؤسسو هذه الامة، بحكمة، على الا يستخدموا القوة الدنيوية لمعاضدة الكنيسة، بما ينجم عنها من نتائج لا بد منه ا: التعصب والاضطهاد. وينص الدستور على هذه المادة فيقول: ”لن يضع الكونغرس قانونا خاصا بتثبيت أي دين، ولن يمنع حرية ممارسته“ وانه ”لن يوضع اختبار ديني بموجبه يؤهل اي انسان لمنصب عام ذي مسؤولية في الولايات المتحدة“. انما فقط عندما يحدث انتهاك فظيع لهذه القوا نين الواقية لحرية الأمة يمكن للسلطات المدنية ان تفرض بعض الممارسات الدينية . لكنّ تناقض عمل كهذا ليس اعظم مما هو مصور في الرمز . ان الوحش الذي له قرنا خروف مع مجاهرته بايمان طاهر ورقيق وعديم الاذى — هو الذي يتكلم كتنين. GC 483.1
”قائلا للساكنين على الارض ان يصنعوا صورة للوحش“. هنا تُصوَّر بكل وضوح هيئة حكومة فيها تستند السلطة التشريعية على الشعب، وهذا برهان مدهش على ان الولايات المتحدة هي الامة المقصودة بالذات في النبوة. GC 483.2
ولكن ما هي ”صورة الوحش“ وكيف تصوَّر ؟ الصورة يصنعها الوحش ذو القرنين وهي صورة للوحش الاول . وتدعى أيضاً صورة الوحش . فلكي نعلم ماذا تشبه الصورة وكيف تصوَّر، علينا ان ندرس صفات الوحش نفسه: البابوية. GC 483.3
عندما فسدت الكنيسة الاولى بانحرافها عن بساطة الانجيل وقبولها الطقوس والعادات الوثنية خسرت واضاعت روح الله وقوته . فلكي تتحكم في ضمائر الناس طلبت مساندة السلطة الدنيوية . فنتج من ذلك البابوية، اي كنيسة تحت يدها سلطة الدولة التي تستخدمها لتنفيذ اغراضها وتحقيق اهدافها وعلى الخصوص ايقاع القصاص بمعتنقي ”الهرطقة“. فلكي تصنع الولايات المتحدة صورة الوحش فعلى السلطة الدينية ان تسيطر على الحكومة المدنية بحيث تستخدم الكنيسة سلطة الدولة ايضا في اتمام اغراضها. GC 483.4
واينما ادعت الكنيسة لنفسها السلطة الدنيوية استخدمتها في معاقبة المنشقين على تعاليمه ا. والكنائس البروتستانتية التي سارت في اثر خطوات روما بابرام محالفات مع السلطات الدنيوية ابدت رغبة مماثلة في كبت حرية الضمير. ولنا مثال على ذلك في الاضطهاد الطويل الامد الذي اوقعته كنيسة بريطانيا بالمنشقين . ففي القرنين السادس عشر والسابع عشر أرغم آلاف من الخدام المنشقين على ترك كنائسهم، وكثيرون من الرعاة ومن الشعب تعرضوا للغرامات والسجن والتعذيب والاستشهاد. GC 484.1