ثم ان الرب يعلن على لسان اشعياء النبي قائلا: ”قولوا للصديق خير“، ”ويل للشرير شر لان مجازاة يديه تُعمل به“ (اشعياء ٣ : ١٠ و ١١). والحكيم يقول: ”الخاطئ وان عمل شرا مئ ة مرة وطالت أيامه الا اني أعلم انه يكون خير للمتقين الله الذين يخافون قدامه . ولا يكون خير للشرير“ (جامعة ٨ : ١٢ و ١٣). وبولس يشهد بأن الخاطئ يَذخَر لنفسه ”غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازي كل واحد حسب اعماله“، ”شدة وضيق على كل نفس انسان يفعل الشر“ (رومية ٢: ٥ و ٦ و ٩). GC 587.3
”كل زانٍ أو نجس أو طماع، الذي هو عابد للاوثان، ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله“ (افسس ٥ : ٥). ”اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب“ (عبرانيين ١٢ : ١٤). ”طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الابواب الى المدينة. لأن خارجا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذبا“ (رؤيا ٢٢ : ١٤ و ١٥). GC 588.1
لقد أعطى الله الناس اعلانا عن صفاته وطريقته في معاملة الخطيئة: ”الرب الرب اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء حافظ الاحسان الى ألوف . غافر الاثم والمعصية والخطيئة ولكنه لن يبرئ ابراء“ (خروج ٣٤ : ٦ و ٧). ”يهلك جميع الاشرار“. ”أما الاشرار فيبادون جميع ا. عقب الاشرار ينقطع“ (مزمور ١٤٥ : ٢٠ ؛ ٣٧ : ٣٨). ان قوة حكم الله وسلطانه سيستخدم ان في قمع كل عصيان، ومع ذلك فكل مظاهر عدالة الله في توقيع الجزاء متوافقة تماما مع صفات الله كالاله الرحيم والمحسن والطويل الاناة. GC 588.2
لا يرغم الله ارادة اي انسان او اختياره ولا يُسر بطاعة العبيد . فهو يرغب في أن الذين هم صنعة يديه يحبونه لأنه يستحق ان يُحب . وهو يريدهم أن يطيعوه لأن عندهم تقديرا ذكيا واعيا لحكمته وعدله واحسانه وحبه . وكل من يدركون هذه الصفات سيحبونه لأن إعجابهم بصفاته يجذبهم نحوه. GC 588.3
ان مبادئ الرفق والرحمة والمحبة التي علم بها مخلصنا وقدم عنها أمثالا وكان هو مثالنا فيها انما هي نسخة عن ارادة الله وصف اته. لقد أعلن المسيح انه لم يعلِّم الا ما قبله من أبيه . ومبادئ حكم الله متوافقة تمام مع وصية المسيح القائلة: ”احبوا اعدائكم“. والله يوقع احكام عدله على الاشرار لأجل خير المسكونة، بل حتى لأجل خير الذين يوقع عليهم احكامه . فهو يريد أن يسعدهم اذا كان ذلك لا يتعارض مع شرائع حكمه وعدالة صفاته . وهو يحيطهم بدلائل محبته ويمنحهم معرفة شريعته ويسير وراءهم ليقدم اليهم هبات رحمته، ولكنهم يزدرون بمحبته ويستخفون بشريعته ويحتقرون رحمته . ومع انهم دائما يتقبلون هباته فانهم يهينون الواهب . وهم يبغضون الله لأنهم يعلم ون انه يمقت خطاياهم . والرب يحتمل فسادهم ويصبر على ذلك طويلا . لكنّ الساعة الحاسمة ستجيء اخيرا عندما يتقرر مصيرهم . فهل سيقبل اولئك العصاة ويبقيهم الى جانبه؟ وهل يرغمهم على عمل ارادته ؟ GC 588.4
ان الذين اختاروا الشيطان قائدا لهم فسيطر عليهم بقوته هم غير مستعدين للمثول في حضرة الله . فالكبرياء والمخاتلة والفجور والخلاعة والقسوة قد ثبتت في اخلاقهم . فهل يستطيعون دخول السماء ليعيشوا الى الابد مع الذين قد ازدروا بهم وابغضوهم وهم على الارض؟ ان الكذاب لا يمكنه ان يستسيغ الصدق او يرضى به، والوداعة لن تشبع نفس من يعظم نفسه او يسلك بالكبرياء، والطهارة غير مقبولة لدى الانسان الفاسد، والمحبة النزيهة لا تبدو جذابة للرجل الاناني . أي نبع للتمتع يمكن أن تقدمه السماء الى اولئك الناس المشغولين في مصالحهم الارضية الانانية ؟ GC 589.1
هل يمكن للذين قضوا حياتهم في التمرد على الله ان ينتقلوا فجأة الى السماء ويشاهدوا الحالة السامية، حالة الكمال المقدسة الدائمة هناك — حيث كل نفس ممتلئة محبة وكل وجه مشرق بانوار الفرح، وحيث أنغام الموسيقى العذبة المفرحة تُسمع في تمجيد الله والحمل، وحيث أنهار النور الدائمة الجريان تفيض على المفتد ين من وجه الجالس على العرش — فهل يمكن للذين قلوبهم مفعمة بالكراهية لله وللحق والقداسة ان يندمجوا بين جموع السماويين ويشاركوهم في ترديد اناشيد الحمد ؟ وهل يستطيعون احتمال مجد الله والخروف ؟ كلا مطلقا، فلقد قدمت اليهم سنو الاختبار لعلهم يشكلون اخلاقهم لتكو ن كأخلاق السماويين . ولكنهم لم يدربوا عقولهم قط على حب الطهارة ولا تعلموا لغة السماء . والآن قد مضى الوقت . ان حياة العصيان لله التي عاشوها لم تؤهلهم للسماء . ان طهارتها وقداستها وسلامها تعذبهم، ومجد الله هو نار آكلة لهم . انهم يتوقون للهروب من ذلك الم كان المقدس . يرحبون بالهلاك ليستطيعوا الاختباء من وجه ذاك الذي قد مات لكي يفتديهم . فمصير الاشرار يقرره اختيارهم نفسه . انهم يطردون انفسهم من السماء بمحض اختيارهم وهذا عدل من الله ورحمة. GC 589.2